الأربعاء، 31 ديسمبر 2008
الاحتلال يرفض هدنة بغزة والمقاومة تكثف صواريخها
رفضت الحكومة الإسرائيلية المقترح الفرنسي للتوصل لهدنة مدة 48 ساعة لدواع إنسانية متعهدة بمواصلة العدوان العسكري على غزة, في وقت تواصلت غارات الاحتلال الجوية مخلفة نحو 400 شهيد وألفي جريح, مع دخول اليوم الخامس منذ بدئها.
وقال متحدث باسم الحكومة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل إيهود أولمرت قال إن الظروف غير مناسبة الآن لوقف إطلاق النار في غزة.
ورغم الرفض المبدئي, فإن أولمرت عاد وقال بعد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر المعني بشؤون الأمن اليوم إنه إذا أمكن التوصل إلى "حل دبلوماسي يضمن حقيقة أمنية أفضل في الجنوب, حينها سندرس الأمر".
وجاء قرار الاحتلال بعد ساعات من تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية بيجال بالمر وصف فيها مقترح باريس بأنه "غير واقعي". وأضاف أن "المقترح لا يشمل أي ضمانات من أي نوع بأن حماس ستوقف إطلاق الصواريخ والتهريب".
وكان اجتماع ثلاثي ضم أولمرت بوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني عقد الليلة الماضية بحث المقترح الذي تقدم به الوزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنر لوقف إطلاق النار لمدة يومين للسماح بدخول المعونات والمساعدات الإنسانية.
حماس مستعدة
وفي أول تعليق على القرار الإسرائيلي, أبدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استعدادها لدراسة مقترحات للتهدئة بغزة. وذكرت وكالة رويترز أن المتحدث باسم الحركة أيمن طه قال "إذا ما عرض علينا أي عرض فسوف ندرسه نحن مع أي مبادرة توقف العدوان فورا وترفع الحصار بشكل كامل".
بدورها أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن حماس مستعدة لوقف هجماتها من غزة بشرط رفع الاحتلال الحصار المفروض عن القطاع. وقالت موسكو إن هذا الإعلان جاء بعد مكالمة بين وزير خارجيتها سيرغي لافروف ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
مسافات أعمق
صواريخ المقاومة ألحقت أضرارا مادية وبشرية ونفسية بالإسرائيليين (الفرنسية)
على الصعيد الميداني, قال جيش الاحتلال إن نحو 20 صاروخا أطلقت على المناطق الإسرائيلية من غزة صباح اليوم, من بينها ستة صواريخ من نوع "غراد". كما أقر الاحتلال بأن صواريخ المقاومة تصل مسافات أعمق داخل إسرائيل مما كانت تصلها من قبل.
وأضاف الجيش أن إسرائيليين أصيبا بجروح, مشيرا إلى أن أحد الصواريخ أصاب فندقا في بئر السبع. وقد أغلقت السلطات الإسرائيلية المدارس والجامعات في مدينتي بئر السبع وسديروت.
وفي وقت سابق أبلغ متحدث باسم الاحتلال الإذاعة الإسرائيلية بأن 55 إسرائيليا تلقوا علاجا طبيا بعد إصابتهم بحالة صدمة وذهول ببئر السبع بعد سقوط صاروخ غراد.
الفصائل تتبنى
بدورها أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في بيان مسؤوليتها عن إطلاق صاروخي غراد على بئر السبع التي تبعد نحو 40 كلم شرقي قطاع غزة. كما أطلقت صاروخي "قسام" على منطقة "كيبوتس بئيري".
وأضافت الكتائب أنها أطلقت أيضا ثلاثة صواريخ من نوع "غراد" على مدينتي "أوفيكم وكريات ملاخي", بالإضافة إلى صاروخي قسام على منطقة زيكيم شمالي القطاع.
كما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصف بلدة سديروت بالصواريخ. وقصفت لاحقا مدينة عسقلان بثلاثة صواريخ. وقالت ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية إنها أطلقت صاروخين على سديروت.
غارات وشهداء
وجاءت تلك التطورات في وقت ذكر مراسل الجزيرة أن غارات إسرائيلية ليلية استهدفت فرقاء إسعاف قرب مخيم جباليا, ما أدى إلى استشهاد طبيب وأحد المسعفين وإصابة آخر بجروح.
كما استشهد فلسطينيان اثنان وجرح أربعة آخرون في غارة إسرائيلية عصر اليوم بمدينة خان يونس جنوبي القطاع. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن القصف بصاروخين استهدفا عربة يجرها حمار.
وقالت مراسلة الجزيرة هبة عكيلة إن طائرات استطلاع أطلقت صواريخ باتجاه المناطق التي يطلق منها المقاومون الفلسطينيون الصواريخ، بالإضافة إلى بعض الأراضي الزراعية. وقالت أيضا إن الزوارق البحرية قصفت اليوم شواطئ غزة وتحديدا ميناء الصيادين بعدد من القذائف.
وأشارت المراسلة إلى أن طيران الاحتلال قصف أيضا ورشة حدادة مما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين في المنازل المجاورة لها.
كما أصيب أربعة فلسطينيين بجروح مختلفة في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا لناشط بسرايا القدس. وقال شهود عيان إن هناك إمكانية لوجود عدد من الشهداء تحت أنقاض المنزل.
من جهة أخرى قالت الحكومة الفلسطينية المقالة برئاسة إسماعيل هنية في بيان إنها عقدت اجتماعات "سرية" رغم الغارات الإسرائيلية. وأضافت الحكومة أن الاجتماعات عقدت بحضور كافة "أركانها". وطالبت الحكومة بوقف فوري للعدوان على غزة ووصفت العدوان بأنه "حرب حقيقية".
المصدر: الجزيرة + وكالات
السبت، 27 ديسمبر 2008
مجزرة إسرائيلية في غزة وإدانات شعبية ورسمية عربية
نفذت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشرية في قطاع غزة عبر سلسلة من الغارات في أنحاء مختلفة قابلتها إدانات شعبية ورسمية عربية، بينما أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية عددا من الصواريخ على مواقع إسرائيلية وسط تهديدات جيش الاحتلال بتوسيع العدوان ليشمل توغلات برية.
فلسطينيا، دان العديد من المسؤولين العدوان واعتبروه محرقة تنفذها الحكومة الإسرائيلي بحق قطاع غزة المحاصر والمحروم من الغذاء والدواء، متهمين الأنظمة العربية بالصمت عما يتعرض له الشعب الفسلطيني.
مصادر في حركة حماس دعت فصائل المقاومة الفلسطينية للرد على العدوان عبر كل الوسائل المتاحة بما فيها إطلاق الصواريخ التي انهمر بعضها فعليا على بلدة نيتفوت جنوب إسرائيل مما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة أربعة أشخاص.
مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 16 تعود إلى قاعدتها بعد مشاركتها في قصف غزة (رويترز)
وفي رام الله قالت مصادر رسمية إن رئيس السلطة محمود عباس باشر إجراء اتصالات لوقف العدوان.
الموقف العربي
على المستوى العربي الرسمي، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن الأردن طلب عقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية لبحث الأوضاع المستجدة في قطاع غزة، ووصف الاعتداءات الإسرائيلية بأنها مجزرة حقيقية بكل معنى الكلمة.
كما أجرى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء العرب لتدارس الأوضاع المستجدة.
شعبيا خرجت مظاهرات شعبية في مصر والأردن دانت العدوان وطالبت بالتحرك لوقف العدوان الإسرائيلي، وسط أنباء عن استعدادات للقيام بمسيرات تضامنية مع غزة في عواصم عربية أخرى.
إسرائيل تهدد
من الجانب الإسرائيلي اعتبر المتحدث العسكري باسم الجيش في تصريح لقناة الجزيرة أن ما يجري في غزة هو استهداف لما أسماه "عناصر إرهابية تابعة لحركة حماس" مهددا بأن كل ما في قطاع غزة برأي إسرائيل هو جزء من حركة حماس ومستهدف في هذه العملية.
وكان وزير الدفاع إيهود باراك أشار في تصريح إلى أن العملية لا تزال في بدايتها، مرجحا أن تتوسع نوعا وكما طبقا للوضع الميداني.
الجمعة، 26 ديسمبر 2008
الباسبور لخضر
رشيد نيني
أكبر دليل على أن حكومة عباس الفاسي تشكو من عسر حاد في التواصل، هو أن لسان حزب الاستقلال والناطق الرسمي باسم عباس الفاسي، الذي ليس شيئا آخر غير جريدة «العلم»، انعقد أمام إقالة الملك لأحمد الخريف الذي تسلم منصب كاتب الدولة في الخارجية خريف 2007 باسم حزب الاستقلال.
واكتفى لسان حال الحزب الذي يقود الحكومة بنشر مختصر لقصاصة وكالة الأنباء الرسمية اختار لها عنوانا مخففا هو «صاحب الجلالة ينهي مهمة السيد أحمد لخريف»، وكأن الملك استقبل السيد لخريف وبلغه بانتهاء مهامه، ولم يقله كما يعرف الجميع، في سابقة هي الأولى من نوعها في المغرب.
وبما أن حزب الاستقلال ولسانه المعنيين مباشرة بهذه الإقالة فضلا التزام الصمت، فإن مصادر أخرى نابت عنهما في إعطاء تفسيرات للرأي العام لهذا القرار الملكي المفاجئ، والذي لم يعلم به عباس الفاسي نفسه إلا بعد تعميمه من طرف وكالة الأنباء الرسمية. وهذا طبيعي، فكيف نريد من عباس الذي كان آخر من يعلم بوقوع أحداث سيدي إفني، وكان آخر من يعلم بالزيادة في أسعار المحروقات في حضور الصحافيين ببيته، أن يكون أول من يعلم بإقالة كاتب دولة كان هو من جلبه إلى حكومته.
وحسب البعض فكاتب الدولة السابق في الخارجية كان يستغل زياراته الدبلوماسية الأخيرة لإسبانيا لجمع «كواغط» ملف الجنسية، وأخذ البصمات. وذهبت بعض المصادر إلى أن مصالح الاستخبارات الخارجية ضبطت اتصالات بينه وبين مسؤولين في الحكومة الإسبانية لتسريع ملف حصوله على الجنسية. فيما ذهب آخرون إلى أنه كان حاصلا على الجنسية قبل سنوات، وأن ما أفاض كأسه هو حضوره لإحدى المناسبات العائلية إلى جانب أعضاء من البوليساريو.
ولعل الخطير في ملف الجنسية الإسبانية التي تمنحها الحكومة الإسبانية للمغاربة الذين كانوا يقيمون في منطقة النزاع أيام الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية، هي أن إسبانيا تشترط على طالبي الجنسية هؤلاء طبقا لقرار محكمة العدل الدولية المنظم لهذا الإجراء الذي يخص الصحراويين، أن يقروا بأنهم بدون جنسية وأنهم فقط يحملون جواز سفر الدولة التي يقيمون بها.
وهكذا فكل الذين يريدون الحصول على الجنسية الإسبانية في الصحراء بموجب هذا القرار، يجب أن يصرحوا بأنهم بدون جنسية وأن كل ما يتوفرون عليه هو جواز السفر المغربي. وبهذا الشكل نفهم الغضبة الملكية على كاتبه في الخارجية. فالرجل عندما طالب بالجنسية الإسبانية يكون اعترف ضمنيا للحكومة الإسبانية بأنه بالرغم من كونه كاتب دولة في الخارجية المغربية فإنه لا يحمل الجنسية المغربية وإنما فقط جواز السفر المغربي. فهل كان يتصور أن الملك عندما سيصل هذا التقرير بين يديه سيعلق لصاحبه وسام العرش من درجة فارس.
هناك بعض المسؤولين يهينون دستور المملكة دون أن يرف لهم جفن، وفوق ذلك «يدفعون كبير». من بينهم المغاري الصاقل الذي عينه الملك بظهير على وكالة تهيئة نهر أبي رقراق. فالرجل قام غاضبا وانسحب الخميس الماضي من اجتماع بمستشاري مجلس مدينة سلا في إطار الدورة الاستثنائية التي انعقدت للمصادقة على بعض الاتفاقيات بين المجلس ووكالة التهيئة، لمجرد أن بعض المستشارين طالبوا سيادته بالتحدث معهم خلال المناقشة باللغة العربية التي بحروفها كتب ظهير تعيينه، والتي بالمناسبة ينص دستور المملكة على أنها اللغة الرسمية للبلاد. فقال لهم السي الصاقل أنه «ما عندوش مع العربية» فهو «قاري بالفرانساوية»، فقالوا له «أسيدي غير درج معانا إلى ما عندكش مع العربية الفصحى»، فقام غاضبا وتركهم وخرج. والسي الصاقل لديه سوابق في هذا المجال، فخلال رمضان الماضي نزع «الفيستة» على بعض المستشارين في أحد اجتماعاته قبل أن يبرد فيه الدم ويقول بأنه «ترمضن» والساعة لله.
الشيء نفسه قام به الكتاني مدير تظاهرة 1200 سنة من حياة مملكة، عندما غضب وغادر منصة الندوة بعدما طالبه الصحافيون في فاس بالحديث معهم بالعربية. قبل أن يعتذر ويعود إلى المنصة وينطلق لسانه بـ«التدريج».
المشكلة في قضية مطالبة كاتب الدولة الاستقلالي السابق بالجنسية الإسبانية، هي أنه لم ينكث فقط بالقسم الذي تؤديه الحكومة عندما تحظى بثقة الملك، والذي يتعهد فيه الوزراء بالوفاء لدينهم وملكهم ووطنهم والله على ما يقولون شهيد، بل نكث السيد لخريف حتى بقسم حزب الاستقلال ونشيد الحزب الذي يقول :
«مغربنا وطننا روحي فداه، ومن يدس حقوقه يذق رداه، دمي له روحي له وما ملكت في كل آن».
ولنتخيل لحظة واحدة أن كاتب دولة في الخارجية الإسبانية أو الفرنسية وضع طلبا للحصول على الجنسية الأمريكية مثلا، فكيف سيتقبل الرأي العام الفرنسي والإسباني هذه المسألة. فالجنسية ليست فقط جواز سفر، وإنما ولاء كاملا لدستور وقوانين الدولة التي تمنحك جنسيتها.
أما إذا كان طالب الجنسية الأجنبية كاتب دولة في وزارة الخارجية التي تستقر داخلها كل أسرار الدولة الخطيرة، فتلك طامة كبرى.
أحد الوزراء السابقين كان الوحيد الذي أعطى تصريحا صحافيا حول قضية إقالة كاتب الدولة الاستقلالي في الخارجية، وقال بأن وزراء أولين سابقين كانوا يحملون جنسيات أجنبية، منهم مولاي أحمد العراقي، وعبد اللطيف الفيلالي الذي يعيش الآن في باريس. وأضاف أن عددا كبيرا من وزراء حكومة عباس الفاسي يحملون جنسيات دول أجنبية. واعتبر أن حملة الجنسيات الأجنبية في حكومة عباس إما أنهم يكذبون على المغرب أو يكذبون على الدولة التي أعطتهم جوازات سفرها.
أعتقد أن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم هو لماذا يلجأ المسؤولون الكبار والوزراء والموظفون السامون وأثرياء البلد إلى طلب جنسيات دول أجنبية مع أنهم يعيشون في المغرب «مفطحين» مع رؤوسهم. الجواب بسيط، «الباسبور لحمر» يبقى بمثابة مخرج النجاة من المغرب لكثيرين منهم. فهؤلاء ليست لديهم الثقة في المغرب، ويتوقعون في كل لحظة أن يجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة السفينة. إن «الباسبور لحمر» هو طوق النجاة بالنسبة إليهم. وفي الفترة الأخيرة شاعت موضة الجنسية الكندية بين كثير من رجال الأعمال والمستثمرين الذين يحملون حوالي 70 ألف دولار ويضعونها في حساب بنكي بكندا ثم يطلبون الجنسية الكندية بوصفهم مستثمرين، ويستمرون في العيش في المغرب بجواز سفر كندي تحسبا للطوارئ.
رحم الله الشيخ اليونسي الذي أنشد في حق جواز السفر المغربي أغنيته المؤثرة «الباسبور لخضر»، خصوصا حين يقول في أحد مقاطعها :
«لو كان الباسبور عندي نديك معايا علاش نخليك
نخدم ونتيا حدايا ننسى همومي ونتونس بيك
قالت لي يا الراجل صنت ليا بغيت نسقسيك
الضفدعة واش قالت نهار اللي لمهم المليك
سقساها سيدنا سليمان وقال يا مرا واشنو بيك
علاش قعدت نتيا والوحوش كلها هربت عليك
قالت لو عز أوطاني خير من بلاد الناس
الدنيا تغدر هذا زاهي و داك قاطع لياس».
هذا ما قالته الضفدعة للملك سيدنا سليمان عندما سألها لماذا قررت البقاء في الوقت الذي هربت فيه كل الوحوش الأخرى من حولها.
فبماذا يمكن أن يجيب كل هؤلاء المسؤولين الذين يضعون «الباسبور لخضر» في جيب و«الباسبور لحمر» في الجيب الآخر عندما يسألهم المغاربة من ماذا أنتم خائفون يا ترى...
أكبر دليل على أن حكومة عباس الفاسي تشكو من عسر حاد في التواصل، هو أن لسان حزب الاستقلال والناطق الرسمي باسم عباس الفاسي، الذي ليس شيئا آخر غير جريدة «العلم»، انعقد أمام إقالة الملك لأحمد الخريف الذي تسلم منصب كاتب الدولة في الخارجية خريف 2007 باسم حزب الاستقلال.
واكتفى لسان حال الحزب الذي يقود الحكومة بنشر مختصر لقصاصة وكالة الأنباء الرسمية اختار لها عنوانا مخففا هو «صاحب الجلالة ينهي مهمة السيد أحمد لخريف»، وكأن الملك استقبل السيد لخريف وبلغه بانتهاء مهامه، ولم يقله كما يعرف الجميع، في سابقة هي الأولى من نوعها في المغرب.
وبما أن حزب الاستقلال ولسانه المعنيين مباشرة بهذه الإقالة فضلا التزام الصمت، فإن مصادر أخرى نابت عنهما في إعطاء تفسيرات للرأي العام لهذا القرار الملكي المفاجئ، والذي لم يعلم به عباس الفاسي نفسه إلا بعد تعميمه من طرف وكالة الأنباء الرسمية. وهذا طبيعي، فكيف نريد من عباس الذي كان آخر من يعلم بوقوع أحداث سيدي إفني، وكان آخر من يعلم بالزيادة في أسعار المحروقات في حضور الصحافيين ببيته، أن يكون أول من يعلم بإقالة كاتب دولة كان هو من جلبه إلى حكومته.
وحسب البعض فكاتب الدولة السابق في الخارجية كان يستغل زياراته الدبلوماسية الأخيرة لإسبانيا لجمع «كواغط» ملف الجنسية، وأخذ البصمات. وذهبت بعض المصادر إلى أن مصالح الاستخبارات الخارجية ضبطت اتصالات بينه وبين مسؤولين في الحكومة الإسبانية لتسريع ملف حصوله على الجنسية. فيما ذهب آخرون إلى أنه كان حاصلا على الجنسية قبل سنوات، وأن ما أفاض كأسه هو حضوره لإحدى المناسبات العائلية إلى جانب أعضاء من البوليساريو.
ولعل الخطير في ملف الجنسية الإسبانية التي تمنحها الحكومة الإسبانية للمغاربة الذين كانوا يقيمون في منطقة النزاع أيام الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية، هي أن إسبانيا تشترط على طالبي الجنسية هؤلاء طبقا لقرار محكمة العدل الدولية المنظم لهذا الإجراء الذي يخص الصحراويين، أن يقروا بأنهم بدون جنسية وأنهم فقط يحملون جواز سفر الدولة التي يقيمون بها.
وهكذا فكل الذين يريدون الحصول على الجنسية الإسبانية في الصحراء بموجب هذا القرار، يجب أن يصرحوا بأنهم بدون جنسية وأن كل ما يتوفرون عليه هو جواز السفر المغربي. وبهذا الشكل نفهم الغضبة الملكية على كاتبه في الخارجية. فالرجل عندما طالب بالجنسية الإسبانية يكون اعترف ضمنيا للحكومة الإسبانية بأنه بالرغم من كونه كاتب دولة في الخارجية المغربية فإنه لا يحمل الجنسية المغربية وإنما فقط جواز السفر المغربي. فهل كان يتصور أن الملك عندما سيصل هذا التقرير بين يديه سيعلق لصاحبه وسام العرش من درجة فارس.
هناك بعض المسؤولين يهينون دستور المملكة دون أن يرف لهم جفن، وفوق ذلك «يدفعون كبير». من بينهم المغاري الصاقل الذي عينه الملك بظهير على وكالة تهيئة نهر أبي رقراق. فالرجل قام غاضبا وانسحب الخميس الماضي من اجتماع بمستشاري مجلس مدينة سلا في إطار الدورة الاستثنائية التي انعقدت للمصادقة على بعض الاتفاقيات بين المجلس ووكالة التهيئة، لمجرد أن بعض المستشارين طالبوا سيادته بالتحدث معهم خلال المناقشة باللغة العربية التي بحروفها كتب ظهير تعيينه، والتي بالمناسبة ينص دستور المملكة على أنها اللغة الرسمية للبلاد. فقال لهم السي الصاقل أنه «ما عندوش مع العربية» فهو «قاري بالفرانساوية»، فقالوا له «أسيدي غير درج معانا إلى ما عندكش مع العربية الفصحى»، فقام غاضبا وتركهم وخرج. والسي الصاقل لديه سوابق في هذا المجال، فخلال رمضان الماضي نزع «الفيستة» على بعض المستشارين في أحد اجتماعاته قبل أن يبرد فيه الدم ويقول بأنه «ترمضن» والساعة لله.
الشيء نفسه قام به الكتاني مدير تظاهرة 1200 سنة من حياة مملكة، عندما غضب وغادر منصة الندوة بعدما طالبه الصحافيون في فاس بالحديث معهم بالعربية. قبل أن يعتذر ويعود إلى المنصة وينطلق لسانه بـ«التدريج».
المشكلة في قضية مطالبة كاتب الدولة الاستقلالي السابق بالجنسية الإسبانية، هي أنه لم ينكث فقط بالقسم الذي تؤديه الحكومة عندما تحظى بثقة الملك، والذي يتعهد فيه الوزراء بالوفاء لدينهم وملكهم ووطنهم والله على ما يقولون شهيد، بل نكث السيد لخريف حتى بقسم حزب الاستقلال ونشيد الحزب الذي يقول :
«مغربنا وطننا روحي فداه، ومن يدس حقوقه يذق رداه، دمي له روحي له وما ملكت في كل آن».
ولنتخيل لحظة واحدة أن كاتب دولة في الخارجية الإسبانية أو الفرنسية وضع طلبا للحصول على الجنسية الأمريكية مثلا، فكيف سيتقبل الرأي العام الفرنسي والإسباني هذه المسألة. فالجنسية ليست فقط جواز سفر، وإنما ولاء كاملا لدستور وقوانين الدولة التي تمنحك جنسيتها.
أما إذا كان طالب الجنسية الأجنبية كاتب دولة في وزارة الخارجية التي تستقر داخلها كل أسرار الدولة الخطيرة، فتلك طامة كبرى.
أحد الوزراء السابقين كان الوحيد الذي أعطى تصريحا صحافيا حول قضية إقالة كاتب الدولة الاستقلالي في الخارجية، وقال بأن وزراء أولين سابقين كانوا يحملون جنسيات أجنبية، منهم مولاي أحمد العراقي، وعبد اللطيف الفيلالي الذي يعيش الآن في باريس. وأضاف أن عددا كبيرا من وزراء حكومة عباس الفاسي يحملون جنسيات دول أجنبية. واعتبر أن حملة الجنسيات الأجنبية في حكومة عباس إما أنهم يكذبون على المغرب أو يكذبون على الدولة التي أعطتهم جوازات سفرها.
أعتقد أن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم هو لماذا يلجأ المسؤولون الكبار والوزراء والموظفون السامون وأثرياء البلد إلى طلب جنسيات دول أجنبية مع أنهم يعيشون في المغرب «مفطحين» مع رؤوسهم. الجواب بسيط، «الباسبور لحمر» يبقى بمثابة مخرج النجاة من المغرب لكثيرين منهم. فهؤلاء ليست لديهم الثقة في المغرب، ويتوقعون في كل لحظة أن يجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة السفينة. إن «الباسبور لحمر» هو طوق النجاة بالنسبة إليهم. وفي الفترة الأخيرة شاعت موضة الجنسية الكندية بين كثير من رجال الأعمال والمستثمرين الذين يحملون حوالي 70 ألف دولار ويضعونها في حساب بنكي بكندا ثم يطلبون الجنسية الكندية بوصفهم مستثمرين، ويستمرون في العيش في المغرب بجواز سفر كندي تحسبا للطوارئ.
رحم الله الشيخ اليونسي الذي أنشد في حق جواز السفر المغربي أغنيته المؤثرة «الباسبور لخضر»، خصوصا حين يقول في أحد مقاطعها :
«لو كان الباسبور عندي نديك معايا علاش نخليك
نخدم ونتيا حدايا ننسى همومي ونتونس بيك
قالت لي يا الراجل صنت ليا بغيت نسقسيك
الضفدعة واش قالت نهار اللي لمهم المليك
سقساها سيدنا سليمان وقال يا مرا واشنو بيك
علاش قعدت نتيا والوحوش كلها هربت عليك
قالت لو عز أوطاني خير من بلاد الناس
الدنيا تغدر هذا زاهي و داك قاطع لياس».
هذا ما قالته الضفدعة للملك سيدنا سليمان عندما سألها لماذا قررت البقاء في الوقت الذي هربت فيه كل الوحوش الأخرى من حولها.
فبماذا يمكن أن يجيب كل هؤلاء المسؤولين الذين يضعون «الباسبور لخضر» في جيب و«الباسبور لحمر» في الجيب الآخر عندما يسألهم المغاربة من ماذا أنتم خائفون يا ترى...
جدل حول أرقام مخيفة عن الإجهاض بالمغرب
حنان بكور
أثار لقاء نظمه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب حول موضوع الإجهاض جدلا حول أرقام قدمها رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض، الدكتور شفيق الشرايبي، تشير إلى أنه ما بين 600 إلى 1000 امرأة تجهض يوميا بالمغرب. وزاغ اللقاء، الذي نظم ظهر أول أمس الثلاثاء بالبرلمان، عن مجراه خاصة بعد نفي ممثلة وزارة الصحة للأرقام المذكورة، حيث أكدت المتحدثة ذاتها، أن الوزارة لا تتوفر على إحصاءات رسمية في الموضوع، مشيرة إلى أن هذا الأمر صعب للغاية، طالما أن عملية الإجهاض تتم بطريقة سرية سواء من قبل منفذها أو المتعاطين لها.
إلى ذلك، قالت النائبة بسيمة حقاوي، عن العدالة والتنمية، إن «اللقاء جاء بعد توصل الفريق بمعطيات حول تنامي ظاهرة الإجهاض السري، بناء على الأرقام التي تقدم بها الدكتور شفيق الشرايبي، والتي تشير إلى أنه ما بين 600 إلى 1000 امرأة تجهض يوميا». وأضافت حقاوي، في تصريح لـ«المساء»، أن «النقاش فتح بناء على هذه الأرقام التي تبين فيما بعد أنها مجرد تقديرات شخصية لصاحبها، وغير مبنية على منهجية علمية واضحة»، وبالتالي، تقول، «كان سبب تنظيم اللقاء واهيا».
من جهته، قال الدكتور شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض، إن ما بين 500 إلى 600 حالة إجهاض طبية تسجل يوميا بالمغرب، وما بين 150 إلى 250 حالة أخرى غير طبية، أي تتم بطريقة شعبية على يد «العشابين والقابلات...». وأكد الدكتور الشرايبي أن «هناك أطباء مختصين في الإجهاض ولا يتعاطون لشيء غيره، مشيرا إلى أن هناك من ينفذ ما معدله حالة واحدة في اليوم، في حين ينفذ آخرون حوالي خمس حالات في اليوم».
وبخصوص دقة الأرقام ومنهجية الحصول عليها، قال الشرايبي إنه «ليست هناك إحصاءات مدققة ورسمية، كما أن وزارة الصحة لا تتوفر على أرقام في الموضوع»، وذلك راجع، برأيه، «إلى أن عملية الإجهاض تتم بطريقة سرية سواء من قبل الطبيب المنفذ أو المرأة المجهضة، لأن القانون يجرمه جملة وتفصيلا».
وأكد الدكتور شفيق أن الأرقام التي طرحها، هي أرقام أكدتها «الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة»، والتي أنجزت دراسة ميدانية في الموضوع توصلت إلى الأرقام نفسها.
وفي هذا السياق، قال محمد كريكعة، المدير التنفيذي للجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، إن الأرقام المتوفرة تشير على أن هناك «ما بين 400 و600 حالة إجهاض تسجل يوميا في المغرب». وأضاف أن جمعيته «أنجزت دراسة ميدانية في موضوع، شارك فيها مجموعة من الأساتذة الباحثين والمتخصصين في الإحصاء ما بين ديسمبر 2006 إلى 2007، توصلت إلى أن الإجهاض يمثل مشكلة صحية واقتصادية واجتماعية حقيقية. وحسب النتائج المتوصل إليها، فإن الفئة العمرية المستهدفة بالإجهاض تتراوح ما بين 15 و35 سنة، وسعره ما بين 1500 إلى 15 ألف درهم، وهو ما يفسح المجال أمام الإجهاض غير الطبي.
وتسعى جمعية محاربة الإجهاض، التي تأسست في أكتوبر الماضي، إلى «دعم التربية الجنسية والتخليق، فضلا عن تشجيع موانع الحمل داخل إطار الزواج وخارجه»، يقول الدكتور الشرايبي، ويضيف أن «الجمعية تفتح المجال أمام إمكانيات الحديث عن التربية الجنسية داخل الأسرة والمدرسة والجمعيات، من أجل التحذير من الحمل خارج إطار الزواج، وما ينتج عنه من عواقب». وبرأي المتحدث ذاته، فإن الحمل خارج إطار الزواج يؤدي إلى عدة آفات، منها على وجه الخصوص الانتحار نتيجة عدم الحصول على مساعدة الأسرة والمجتمع، أو الانفصال عن العائلة، إلى جانب الدخول في عالم الدعارة. وأكد الشرايبي أن «مخاطر الحمل خارج إطار الزواج يجب التصدي لها، وذلك من خلال التوعية وسن قانون يبيح الإجهاض في حالات معينة، وخاصة في حالة الاغتصاب أو زنا المحارم، أو المرض العقلي، وكذا تشوهات الجنين...».
ويكلف الإجهاض، حسب الدكتور الشرايبي، ما بين 2000 و15 ألف درهم، وذلك حسب الحال، حيث تتحكم عدة اعتبارات في السعر، منها أساسا السن ومدة الحمل، وما إن كان ناتجا عن علاقة شرعية أم لا...
أثار لقاء نظمه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب حول موضوع الإجهاض جدلا حول أرقام قدمها رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض، الدكتور شفيق الشرايبي، تشير إلى أنه ما بين 600 إلى 1000 امرأة تجهض يوميا بالمغرب. وزاغ اللقاء، الذي نظم ظهر أول أمس الثلاثاء بالبرلمان، عن مجراه خاصة بعد نفي ممثلة وزارة الصحة للأرقام المذكورة، حيث أكدت المتحدثة ذاتها، أن الوزارة لا تتوفر على إحصاءات رسمية في الموضوع، مشيرة إلى أن هذا الأمر صعب للغاية، طالما أن عملية الإجهاض تتم بطريقة سرية سواء من قبل منفذها أو المتعاطين لها.
إلى ذلك، قالت النائبة بسيمة حقاوي، عن العدالة والتنمية، إن «اللقاء جاء بعد توصل الفريق بمعطيات حول تنامي ظاهرة الإجهاض السري، بناء على الأرقام التي تقدم بها الدكتور شفيق الشرايبي، والتي تشير إلى أنه ما بين 600 إلى 1000 امرأة تجهض يوميا». وأضافت حقاوي، في تصريح لـ«المساء»، أن «النقاش فتح بناء على هذه الأرقام التي تبين فيما بعد أنها مجرد تقديرات شخصية لصاحبها، وغير مبنية على منهجية علمية واضحة»، وبالتالي، تقول، «كان سبب تنظيم اللقاء واهيا».
من جهته، قال الدكتور شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض، إن ما بين 500 إلى 600 حالة إجهاض طبية تسجل يوميا بالمغرب، وما بين 150 إلى 250 حالة أخرى غير طبية، أي تتم بطريقة شعبية على يد «العشابين والقابلات...». وأكد الدكتور الشرايبي أن «هناك أطباء مختصين في الإجهاض ولا يتعاطون لشيء غيره، مشيرا إلى أن هناك من ينفذ ما معدله حالة واحدة في اليوم، في حين ينفذ آخرون حوالي خمس حالات في اليوم».
وبخصوص دقة الأرقام ومنهجية الحصول عليها، قال الشرايبي إنه «ليست هناك إحصاءات مدققة ورسمية، كما أن وزارة الصحة لا تتوفر على أرقام في الموضوع»، وذلك راجع، برأيه، «إلى أن عملية الإجهاض تتم بطريقة سرية سواء من قبل الطبيب المنفذ أو المرأة المجهضة، لأن القانون يجرمه جملة وتفصيلا».
وأكد الدكتور شفيق أن الأرقام التي طرحها، هي أرقام أكدتها «الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة»، والتي أنجزت دراسة ميدانية في الموضوع توصلت إلى الأرقام نفسها.
وفي هذا السياق، قال محمد كريكعة، المدير التنفيذي للجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، إن الأرقام المتوفرة تشير على أن هناك «ما بين 400 و600 حالة إجهاض تسجل يوميا في المغرب». وأضاف أن جمعيته «أنجزت دراسة ميدانية في موضوع، شارك فيها مجموعة من الأساتذة الباحثين والمتخصصين في الإحصاء ما بين ديسمبر 2006 إلى 2007، توصلت إلى أن الإجهاض يمثل مشكلة صحية واقتصادية واجتماعية حقيقية. وحسب النتائج المتوصل إليها، فإن الفئة العمرية المستهدفة بالإجهاض تتراوح ما بين 15 و35 سنة، وسعره ما بين 1500 إلى 15 ألف درهم، وهو ما يفسح المجال أمام الإجهاض غير الطبي.
وتسعى جمعية محاربة الإجهاض، التي تأسست في أكتوبر الماضي، إلى «دعم التربية الجنسية والتخليق، فضلا عن تشجيع موانع الحمل داخل إطار الزواج وخارجه»، يقول الدكتور الشرايبي، ويضيف أن «الجمعية تفتح المجال أمام إمكانيات الحديث عن التربية الجنسية داخل الأسرة والمدرسة والجمعيات، من أجل التحذير من الحمل خارج إطار الزواج، وما ينتج عنه من عواقب». وبرأي المتحدث ذاته، فإن الحمل خارج إطار الزواج يؤدي إلى عدة آفات، منها على وجه الخصوص الانتحار نتيجة عدم الحصول على مساعدة الأسرة والمجتمع، أو الانفصال عن العائلة، إلى جانب الدخول في عالم الدعارة. وأكد الشرايبي أن «مخاطر الحمل خارج إطار الزواج يجب التصدي لها، وذلك من خلال التوعية وسن قانون يبيح الإجهاض في حالات معينة، وخاصة في حالة الاغتصاب أو زنا المحارم، أو المرض العقلي، وكذا تشوهات الجنين...».
ويكلف الإجهاض، حسب الدكتور الشرايبي، ما بين 2000 و15 ألف درهم، وذلك حسب الحال، حيث تتحكم عدة اعتبارات في السعر، منها أساسا السن ومدة الحمل، وما إن كان ناتجا عن علاقة شرعية أم لا...
الخميس، 25 ديسمبر 2008
مغاربة يستعدون للاحتفال بـ " نويل "
الخليل الأشهب
Thursday, December 25, 2008
تعيش المدن المغربية استعدادات الاحتفال بنهاية رأس السنة، خاصة تلك التي تعرف تواجدا كبيرا للسياح الأجانب، كالرباط، الدار البيضاء، مراكش وأكادير، حيث وضعت عبارات التهنئة مكتوبة على الواجهات الكبرى، وأشجار الارز المرصعة بالمصابيح الملونة في مداخل الفنادق والمحلات الكبرى.
كما تعرف المتاجر الكبرى رواجا اقتصاديا كبيرا بسبب العروض المخفضة في كل المواد التي تعرضها بمناسبة نهاية السنة الميلادية. والى جانب الأجانب يتردد المغاربة كذلك على المحلات الخاصة ببيع الحلوى والشوكولا، والأزهار والعاب الأطفال والهدايا لتبادلها في ليلة رأس السنة.
وتطوف شخصية "بابا نويل" الحاضرة في ذاكرة أطفال الغرب الشوارع المغربية وتتوقف أمام استوديوهات التصوير الفوتوغرافي، حيث يعمل المغاربة على اصطحاب أطفالهم لأخذ صور إلى جانب هذه الشخصية الغريبة عنهم.
كما تتولى بعض العائلات حجز الفنادق للاحتفال بهذا اليوم، في ما قررت اسر أخرى السفر لقضاء ليلة رأس السنة خارج المغرب في دولة أجنبية. وفي نفس الوقت نجد الشباب المغربي يستعد للاحتفال بهذا اليوم داخل النوادي الليلية من اجل المرح والغناء والرقص.
وفي سياق متصل اعتادت الإدارة العامة للأمن الوطني، قبيل حلول كل سنة ميلادية، على رفع حالة الاستنفار الأمني إلى "اللون الأحمر"، كإجراء روتيني تحسبا لوقوع هجمات إرهابية. كما دأبت قوات الأمن، في مثل هذه المناسبات، على تعزيز تواجدها في المناطق الحساسة من نقاط حدود ومطارات وسفارات وقنصليات الدول الغربية والمنشآت السياحية والمالية والفنادق حيث ينزل السياح الأجانب بكثرة.
وقالت مصادر أمنية إن الإدارة العامة للأمن الوطني بصدد وضع خطة أمنية وصفتها بـ"الاحترازية" لحماية أمن المواطنين من أي اعتداء محتمل تزامنا والاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، وتعزيز المراقبة الأمنية بالمدن الرئيسية مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وأكادير.
Thursday, December 25, 2008
تعيش المدن المغربية استعدادات الاحتفال بنهاية رأس السنة، خاصة تلك التي تعرف تواجدا كبيرا للسياح الأجانب، كالرباط، الدار البيضاء، مراكش وأكادير، حيث وضعت عبارات التهنئة مكتوبة على الواجهات الكبرى، وأشجار الارز المرصعة بالمصابيح الملونة في مداخل الفنادق والمحلات الكبرى.
كما تعرف المتاجر الكبرى رواجا اقتصاديا كبيرا بسبب العروض المخفضة في كل المواد التي تعرضها بمناسبة نهاية السنة الميلادية. والى جانب الأجانب يتردد المغاربة كذلك على المحلات الخاصة ببيع الحلوى والشوكولا، والأزهار والعاب الأطفال والهدايا لتبادلها في ليلة رأس السنة.
وتطوف شخصية "بابا نويل" الحاضرة في ذاكرة أطفال الغرب الشوارع المغربية وتتوقف أمام استوديوهات التصوير الفوتوغرافي، حيث يعمل المغاربة على اصطحاب أطفالهم لأخذ صور إلى جانب هذه الشخصية الغريبة عنهم.
كما تتولى بعض العائلات حجز الفنادق للاحتفال بهذا اليوم، في ما قررت اسر أخرى السفر لقضاء ليلة رأس السنة خارج المغرب في دولة أجنبية. وفي نفس الوقت نجد الشباب المغربي يستعد للاحتفال بهذا اليوم داخل النوادي الليلية من اجل المرح والغناء والرقص.
وفي سياق متصل اعتادت الإدارة العامة للأمن الوطني، قبيل حلول كل سنة ميلادية، على رفع حالة الاستنفار الأمني إلى "اللون الأحمر"، كإجراء روتيني تحسبا لوقوع هجمات إرهابية. كما دأبت قوات الأمن، في مثل هذه المناسبات، على تعزيز تواجدها في المناطق الحساسة من نقاط حدود ومطارات وسفارات وقنصليات الدول الغربية والمنشآت السياحية والمالية والفنادق حيث ينزل السياح الأجانب بكثرة.
وقالت مصادر أمنية إن الإدارة العامة للأمن الوطني بصدد وضع خطة أمنية وصفتها بـ"الاحترازية" لحماية أمن المواطنين من أي اعتداء محتمل تزامنا والاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، وتعزيز المراقبة الأمنية بالمدن الرئيسية مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وأكادير.
الأربعاء، 24 ديسمبر 2008
شباط وزيرا أول
رشيد نيني
لا أعرف لماذا بمجرد ما يذكر أحدهم اسم «لولا» رئيس الحكومة البرازيلية، يذهب ذهني مباشرة إلى شباط عمدة فاس.
«لولا» عاش طفولة فقيرة وغادر مقاعد المدرسة مبكرا لكي يتشرد في شوارع «ريو دي جانيرو» ثم لكي يشتغل ميكانيكيا في معمل ثم ينخرط في نقابة العمال، وبعد مدة قصيرة يصبح زعيم النقابة ورئيسا لحزب العمال ثم رئيسا للدولة.
وشباط جاء إلى فاس من قبيلة البرانس، بعد أن غادر مقاعد الدراسة مبكرا. وعثر له على عمل في فاس كسيكليس، ثم كمستخدم في أحد المعامل. وهناك سينخرط في نقابة حزب الاستقلال وسيترشح باسمها للانتخابات البلدية وسيفوز بمقعده، قبل أن يباشر الانتخابات البرلمانية ويفوز بها ثم يتحول إلى عمدة للمدينة العلمية والروحية التي كانت عاصمة المغرب قبل أن ينقل الماريشال ليوطي عاصمة ملكه إلى الرباط.
واليوم نرى كيف أسقط شباط خصمه بنجلون الأندلسي من نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لكي يأخذ مكانه. وذهب إلى حد وصفه في أحد تصريحاته الأخيرة بالسفيه والمريض عقليا والضبع وفاقد الشخصية الذي كان يقبل كتف شباط باحترام. فرد عليه بنجلون الأندلسي، الذي يمثل قطاع رجال التعليم في النقابة يا حسرة، بوصفه بالغجري والكذاب والانقلابي والمشعوذ الذي يعرف لماذا يصلح الضبع.
عذر شباط أنه غادر مقاعد الدراسة مبكرا، ولذلك فهو لا يزن جيدا ثقل الكلمات التي ينطق بها، أما بنجلون الأندلسي فقد ظل لسنوات طويلة يرأس الجامعة الحرة للتعليم، وبفضل المعجم الذي استعمله الأندلسي في رده على شتائم شباط سيفهم رجال التعليم أخيرا المستوى الفكري لمن كان يمثلهم في النقابة ويدافع عن حقوقهم.
في أحد حواراته الأخيرة قال شباط أنهم اكتشفوا في النقابة أن الأندلسي اشترى سيارة بـ60 مليون سنتيم من أموال العمال، وأن مستخدمي إدارة الاتحاد العام للشغالين غير مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، برغم الاقتطاعات التي تتعرض لها أجورهم الشهرية لهذا الغرض.
كل هذا كان يمكن أن نحسبه على رغبة شباط في تنظيف البيت الداخلي للنقابة، لكن عندما يقول بأنهم لجؤوا إلى هذا الافتحاص بعد خرجات بنجلون في الصحافة، فهذا ما يجعلنا نتساءل عن مصير كل هذه التجاوزات لو أن الأندلسي دخل «جواه» واحتفظ بخرجاته لنفسه ولم يهاجم شباط في الصحافة. طبعا كانت كل هذه التجاوزات ستبقى حبيسة أدراج المقر المظلم للنقابة.
ورغم أن السياق العام الذي جاء فيه هذا الافتحاص لم يكن بريئا تماما، بحكم أنه جاء كانتقام من الأندلسي الذي تجرأ على مواجهة من سماه بالغجري، ونسي رئيس نقابة رجال التعليم أن الغجر شعب لديه تاريخ وثقافة واستعماله كشتيمة فيه حط عنصري من كرامة هذا الشعب، فإن ما كشف عنه الافتحاص يبقى جديرا بالتأمل. لأنه يفضح سلوك بعض النقابات التي تعطي للحكومة ولأرباب المعامل والمصانع والشركات الدروس في احترام حقوق العمال والمستخدمين، في الوقت الذي لا تتورع فيه هذه النقابات عن أكل انخراطات مستخدميها في صندوق الضمان الاجتماعي كل شهر.
وقد كنت أراقب من شرفة مكتبي طيلة الأسبوع الذي سبق عيد الأضحى مقر شركة للحراسة يوجد أمامنا بشارع الجيش الملكي، وأتساءل عن سبب احتجاجات العشرات من رجال الحراسة أمام باب العمارة حيث توجد الشركة، فعرفت بأن هؤلاء الحراس جاؤوا يطالبون برواتبهم التي لازالت في ذمة الشركة التي توجد على رأسها لبنى بن الصديق، ابنة المحجوب بن الصديق، رئيس نقابة الاتحاد المغربي للشغل يا حسرة.
عندما قلت أن الرئيس البرازيلي «لولا» يذكرني بشباط، فإنني لم أكن أقصد أن بينهما نقاط شبه حاليا، وإنما أقصد طريقة وصول كل منهما إلى ما وصل إليه. فكلاهما جاء من الفقر إلى المعمل ومنه إلى النقابة فإلى الشهرة والثراء والسلطة. وإذا كان «لولا» قد وصل إلى أعلى منصب في البرازيل وهو رئيس الحكومة، فإن شباط يستعد من الآن لتقديم ترشيحه لرئاسة حزب الاستقلال بعد استنفاد عباس لولايته الثالثة، وقد كشف عن هذه الرغبة لإحدى الصحف مؤخرا. مما يعني أن المغاربة قد يجدون أمامهم سنة 2017 شباط في منصب الوزير الأول إذا ما فاز حزب الاستقلال بالانتخابات.
لكن الفرق الكبير بين الرئيس البرازيلي «لولا» وشباط هو أن الأول قال مؤخرا بأنه رغم مضي ست سنوات على جلوسه على مقعد الرئاسة فإن أناه لم تتضخم بغرام واحد. أما شباط، وكثير من المسؤولين السياسيين عندنا بمجرد ما يفوزون بمقعد تافه في مجلس أو بلدية حتى تتضخم «قراجطهم» وتتضخم أوداجهم وكروشهم، ويصبح الحديث معهم محتاجا إلى مواعيد طويلة الأمد.
شخصيا أعتقد أنه من الديمقراطية أن يصبح شباط وزيرا أول ذات يوم. فعدد الأميين في المغرب يفوق خمسين بالمائة، والرقم في تزايد. ولذلك سيكون من المنطقي انتخاب وزير أول يمثل الأغلبية. وقد قال لولا نفسه أنه رئيس منتخب يمثل الطبقة العاملة التي تعتبر في البرازيل أغلبية.
فماذا صنع طفل الشوارع القديم للبرازيليين حتى صوتوا عليه لمرتين متتاليتين، وما هي الوصفة السحرية التي يستعملها حتى حطمت شعبيته اليوم أرقاما قياسية، وأصبح 70 بالمائة من بين 196 مليون برازيلي متفقين مع سياسته. هذه بضعة قرارات اتخذها «الخراز» القديم وتحمل فيها مسؤوليته، ونجح. وهي دروس يمكن لعباس الفاسي، الذي نزلت شعبيته إلى الحضيض، أن يستفيد منها في ما تبقى له من وقت على رأس الحكومة.
عندما تسلم «لولا» السلطة، بعد ثلاث محاولات فاشلة، قال له «الفهايمية» الاقتصاديون بأن عليه خلق النمو من أجل توزيع الثروة. ولذلك يجب عليه أن يعد حلوى وعندما تنضج آنذاك يمكنه أن يوزع الكعكة. لكن «لولا» لم يكن متفقا ولم ير ضرورة لانتظار نضج الحلوى، وقرر الشروع في إرساء تجربة اقتصادية جديدة اسمها «البورصة العائلية»، وهي عبارة عن إعانة مالية شهرية تذهب مباشرة إلى العائلات الفقيرة مقابل ضمان تمدرس أبنائها. وهكذا عوض أن تساعد الدولة الأغنياء الذين سيشترون التلفزات بشاشات بلازما والسيارات الفخمة المستوردة من الخارج، فإنها تقوم بمساعدة الفقراء الذين سيشترون بالمساعدات الحليب والأرز والطحين والأحذية والجوارب. وهكذا ساهمت «البورصة العائلية» في تنمية المناطق القروية ورفعت من مستوى عيشها الاجتماعي. وقد منحت اليونيسيف مؤخرا جوائز تقديرية لحوالي 259 جماعة قروية بالبرازيل حيث نزلت نسبة وفيات الولادات إلى ما دون 2 وفيات بين كل 1000 ولادة بفضل مساعدات «البورصة العائلية». عندنا ليس المرض وسوء التغذية هو ما يقتل الأطفال الرضع، بل حتى لقاحات وزارة الصحة الفاسدة أيضا.
أما بالنسبة للعنف في صفوف الشباب والمراهقين، والذي يعاني منه المغرب بقوة اليوم، فقد اكتشف «لولا» حلا سهلا وبسيطا. لقد شيد 214 مدرسة تقنية حيث ستتم إعادة تمدرس حوالي 4.5 مليون مراهق يتسكعون في الشوارع. وأيضا ينص البرنامج على منح هؤلاء المراهقين منحة شهرية قدرها 38 أورو لكي يتعلموا حرفة تنفعهم في المستقبل. هكذا لن يقعوا في قبضة تجار المخدرات وعصابات السرقة والجريمة المنظمة.
هذا هو الفرق بين «لولا» وشباط وعباس الفاسي وحكومته. وإذا كان ساستنا غير معجبين بالنموذج البرازيلي فيمكننا أن نحيلهم على النموذج البوليفي، حيث أعلن قبل أمس الرئيس «إفو موراليس» الذي جاء إلى السلطة من قبيلة هنود، عن نجاح حكومته في محو الأمية بالبلاد.
علينا جميعا حكومة وشعبا أن نتأمل هذا الدرس البوليفي. بوليفيا هي أفقر دولة في أمريكا اللاتينية، ومع ذلك فإن فقرها لم يمنعها من تعليم أبنائها والقضاء على الأمية في صفوفهم. لقد وضع الرئيس المتواضع والبسيط «إفو موراليس» نصب عينيه برنامجا للقضاء على الأمية اسمه «نعم يمكنني»، ونجح في تطبيق برامجه.
نعم، نحن أيضا يمكننا القيام بذلك. لكن ليس مع وزير أول كعباس الفاسي يخطئ حتى في نطق الاسم الصحيح للرئيس الإسباني، حيث ناداه «خوسي ماريا زاباطيرو»، قبل أن يصحح خطأه بخطأ أفظع ويطلق على «الراجل» اسم امرأة عندما ناداه «ماريا خوسي زاباطيرو».
نعم يمكننا، لكن بوزير أول من طينة «لولا» و«إفو موراليس» لديهم إحساس قوي وعميق بأهمية العائلة في المجتمع المغربي. بحيث تذهب جميع مخططاتهم الحكومية لدعم هذه الفئة من المجتمع، خصوصا الأكثر فقرا بينها.
سيذكر التاريخ لعباس الفاسي وحكومته أنه منذ يومها الأول منحت هدايا ضريبية للشركات الكبرى والبنوك، ورفعت قيمة الضريبة على «الليزينغ» وأسعار المواد الغذائية والأدوية والمحروقات على الطبقات الشعبية الفقيرة.
يقول الرئيس البرازيلي «لولا»: «عندما اكتشفت أمي أن أبي لديه امرأة أخرى، ذهبت إليه ذات صباح وقالت له بأنها ستتركه. لقد كانت والدتي امرأة أمية، وكان لها ثمانية أطفال، لكنها كانت تقول بأن الإنسان يجب أن لا يفقد أبدا الحق في المشي برأسه مرفوعا. هكذا فهمت أهمية العائلة، ولذلك أجعلها دائما في قلب سياستي».
والفاهم يفهم.
الخميس، 18 ديسمبر 2008
زنقة الحناجرة مركز الدعارة الشعبية ببني ملال
بني ملال -المصطفى أبوالخير
عادت زنقة الحناجرة ببني ملال إلى الواجهة بعد ظهور شريط مصور يكشف ما يجري بهذا الزقاق الذي أصبح مركزا للدعارة. ورغم احتجاجات السكان الذين ينتهي الأمر بكثير منهم إلى الرحيل، ورغم حالات الاعتقال التي تطال «الباطرونات» أو «العاهرات» فإن نشاط زنقة الحناجرة مستمر «على عينيك يا بن عدي».
تاريخ زنقة الحناجرة
زنقة الحناجرة كانت مبغى رسميا أقامته فرنسا في فترة الاستعمار على شاكلة مبغى «بوسبير» بالدار البيضاء، وكانت مقصدا للفرنسيين والمجندين من السينغاليين والمغاربة.
في بداية الاستقلال تم القضاء على الظاهرة بشكل شبه نهائي، واقتصر الأمر على مجموعة من العجائز اللواتي كن يضعن النقاب. الانبعاث الكبير لنشاط الدعارة الجديد كان في تسعينيات القرن الماضي بعد فترة خمود حتمها، التعامل الصارم للباشا حيث خصص عنصرين من القوات المساعدة وحارسا يعملون ليل نهار، وهو ما تم من خلاله القضاء على الدعارة بشكل نهائي قبل أن تعاود الظهور من جديد في شبكات اختارت الاستقلال الذاتي عن نمط مجتمع المدينة القديمة المحافظ.
تقع زنقة الحناجرة في الجهة الغربية للمدينة القديمة. يحدها غربا شارع تمكنونت وشرقا سوق السمك «المارشي». شكل بيوتها الهندسية كزقاق فيه أربعة منعرجات، وهو ما سهل اتخاذها مكانا «مستورا» لممارسة الدعارة في سنوات الاستعمار قبل أن تتحول إلى أشهر زقاق للدعارة بالجهة، بالإضافة إلى أزقة أخرى كانت معروفة بالدعارة في سنوات خلت...
الباطرونة أساس الشبكة
تسير شبكات الدعارة أنشطتها بشكل محكم التنظيم، وتعتبر «الباطرونة أهم عنصر في الشبكة وعليها يتوقف نشاطها واستمرارها، وبزنقة الحناجرة، تنشط ثلاث شبكات أشهرها تلك التي ظهرت في الشريط المتداول ببني ملال في الأسبوع الماضي والتي تدير منزلين للدعارة، يساعدها في ذلك زوجها المعتقل حاليا بتهمة إعداد بيت للدعارة؛ كما تعرف الزنقة نشاط شبكة أخرى يديرها شخص اعتقل مرات عديدة بنفس التهمة، في حين كانت تتكلف زوجته بتحمل أعباء تسيير الشبكة لوحدها في غيابه؛ كما تنشط بنفس الزنقة أيضا شبكة «ح» المعتقلة بعد نشوب صراع كبير بينها وبين (س.ب) ووشايات متبادلة كان من نتائجها اعتقالها هي وزوج هذه الأخيرة.
الشبكات الثلاث المذكورة أصبحت تملك عقارات وبيوتا بنفس الزنقة بعدما ضاق السكان بممارسات الدعارة. وبدأت نفس الشبكات في توسيع أنشطتها.
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية في تراتبية أعضاء الشبكة الأشخاص المتعاونون والذين يكونون بمثابة حراس تحت إشراف زوج الباطرونة أو الباطرونة شخصيا؛ وتتلخص مهمتهم في السهر على توفير الأمن وضبط ولوج الزبناء لتلقي الخدمات وتوجيههم وتعنيف وطرد غير المرغوب فيهم ويتلقى هؤلاء أجورا يومية تصل إلى 200 درهم، بالإضافة إلى المأكل والمشرب والسجائر وضمان سهرة ليلية برفقة إحدى العاهرات ممن تكلفهن الباطرونة بذلك. ويعرف الأشخاص سالفو الذكر (الفيدورات) بكون أغلبهم من ذوي السوابق العدلية، حيث تزين وجوههم وسواعدهم ندوب وأوشام مختلفة الأشكال.
قتل وابتزاز
سجلت زنقة الحناجرة أحداث قتل مروعة؛ وأشهر هذه الأحداث مقتل كل من «مينة الوجدية» في بداية التسعينيات من القرن الماضي بعدما وجدت مخنوقة بحبل، دون الوصول إلى الفاعل، فيما قتلت رابحة ذبحا في السنوات الأولى من الألفية الجديدة دون الوصول أيضا إلى الفاعل. ونظرا إلى كون شبكات الدعارة تمارس نشاطها بشكل غير قانوني ونظرا كذلك إلى ضرورة الاحتراس الأمني الشديد، فقد كانت أحداث اعتداءات كثيرة تقع على مواطنين وزبناء يفضلون الذهاب إلى حال سبيلهم دون التبليغ عن حراس مباغي الشبكات خوفا من انتقامهم أو من الفضيحة. يحكي «محمد. ش»، أحد أبناء المدينة القديمة، أن»صديقا دخل ذات يوم إلى منزل للدعارة، لكنه دون أن ينتبه كان قد ترك في جيب سرواله مبلغ 4000 درهم؛ وأثناء مضاجعته لعاهرة تمكنت فتاة أخرى من تفتيش سرواله وسلبه المبلغ المذكور؛ وبعد احتجاجه ومطالبته باسترجاع ماله استدعت الباطرونة الحراس الغلاظ الشداد الذين أشبعوه ضربا، فما كان من المسكين سوى أن ذهب إلى حال سبيله خوفا من الانتقام ومن الفضيحة في حال تبليغه لمصالح الأمن».
الأمر لا يتوقف عند سرقة وابتزاز الزبناء بل يتعداه إلى إجبار كل مار من الزنقة على ممارسة الجنس عنوة وسلبه أمواله، حيث يوضح شريط مرئي تداوله العديد من أبناء بني ملال أن أزيد من 500 شخص تم جرهم بالقوة إلى أحد منزلي الدعارة اللذين تبدو صاحبتهما (س.ب) في الشريط تشرف على العمليات، في حين دخل حوالي 100 شخص بعد مفاوضات أو بمحض إرادتهم. لكن الغريب في الشريط الذي صور على مدار أربع ساعات وعشر دقائق هو عدم ظهور أي عنصر من الشرطة رغم الحركة الكبيرة التي تشهدها الزنقة ورغم عشرات الفتيات المنتشرات بنصف ملابسهن أو بملابسهن الداخلية في الشارع العام.
احتكار سوق الدعارة
وتكون الحروب أشد ما تكون عند نزاع الباطرونات حول الزبناء أو عاهرات جديدات أو الاستفادة من خدمات بعض الحراس من ذوي القدرات الجسمانية، ويشتعل لذلك فتيل حرب غالبا ما تنتهي بالدماء والكسور وتدخل مصالح الشرطة في آخر المطاف التي «يجد أفراد دورياتها أنفسهم دوما، حسب مصدر أمني رفض ذكر اسمه، أمام معارك بالهراوات والسلاح الأبيض يصر أصحابها على تهمة تبادل الضرب والجرح»، في حين يؤكد (عبد الكريم.ن) من أبناء المدينة القديمة أن «شبكات الدعارة تستعمل في ما بينها أساليب ووسائل حربية متطورة من أجل احتكار سوق الدعارة، وأول هذه الأسلحة وأشدها نفاذا سلاح الوشاية بالشبكات الأخرى، والشريط المرئي المتداول اليوم لم يكن ليسمح بتصويره لولا تواطؤ شبكة أوقفت نشاطها لأيام محدودة بعد أن ضاق بها مجال المنافسة ضد شبكة (س.ب)، الأمر الذي كلف هذه الأخيرة تقديم زوج الباطرونة لقضاء فترة سجنية، في حين استمر نشاط الشبكة وازداد تطورا من حيث الأداء والمردود».
(نجاة.م) إحدى الفتيات اللواتي سبق لهن العمل بزنقة الحناجرة، أكدت لـ»المساء» أن «أشد فترات الصراع تكون في فصل الصيف، لأن فرص العمل تكون متوفرة، فتحاول كل شبكة الفوز بأكبر عدد ممكن من الزبناء، كما أن قدوم فتاة جديدة للعمل بزنقة الحناجرة يجعل الشبكات المنافسة تحاول إغراءها بالانتقال إليها وتقديم خدماتها بشروط تفضيلية».
من أجل مداخيل أكبر
تنظم شبكات الدعارة أنشطتها بشكل يسمح للمتحكمين فيها بضمان مداخيل مادية كبيرة. ورغم اختيار فتيات تكوين شبكات مصغرة مستقلة تتشكل في أغلبها من ثلاث فتيات والعمل مباشرة بأهم شوارع المدينة كشارع محمد الخامس أو الحسن الثاني أو أمام المؤسسات التعليمية أو بشارع المتنبي حيث توجد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فإن استمرار الدعارة بزنقة الحناجرة حتمته ظروف أمنية وتنظيمية جعلت شبكات الدعارة تتوسع بشكل كبير؛ ومرد ذلك -حسب نجاة.م- إلى أن «السوق اليوم مغرقة بفتيات قاصرات في أغلبهن، وهن المفضلات عند الشباب، بالإضافة إلى تلميذات بعض المؤسسات التعليمية المعروفة اللواتي ينافسن محترفات الدعارة بقوة، لذلك تتوجه محترفات الدعارة إلى زنقة الحناجرة كملاذ لضمان مردود مالي قار يتراوح بين 100 و200 درهم يوميا، حسب قرار الباطرونة، مع الاستفادة من المبيت والأكل». وتضيف (نجاة. م) أن «كثرة العمليات الجنسية التي تقوم بها كل فتاة لا يعني أنها تستفيد من وضع اعتباري عند الباطرونة، بل ينبغي أن تقوم بذلك لتحتفظ بمكانها داخل الشبكة وإلا تم تعويضها بوافدة جديدة، لكن الفتاة تبقى رهينة حظها، فإذا كانت مثلا تعريفة الدخول محددة في 40 درهما، فعلى الفتاة إقناع الزبون بأداء 50 درهما أو أكثر لتحتفظ بالباقي لنفسها، في حين تجمع الباطرونة كل المداخيل وتؤدي لكل عنصر أجرته اليومية سواء كان حارسا أو عاهرة أو مكلفا بالأمن أو وسيطا لدى الجهات المسؤولة لغض الطرف عن نشاط الشبكة. وقد تصل المداخيل الصافية عند «الباطرونة» إلى مليوني سنتيم في الأيام العادية وإلى أكثر من ذلك في ذروة فصل الصيف بعد صرف الأجور والإتاوات».
البرنامج اليومي
وعن طرق إدارة شبكات الدعارة المنظمة بزنقة الحناجرة، أكدت «نوال بنت القصيبة» كما تحب أن تطلق على نفسها، أن «الباطرونة توقظ الفتيات في الصباح الباكر من أجل إعداد أنفسهن ليوم عمل جديد وتتفقد من بالبيت وتشرف أحيانا على اختيار الملابس الفاتنة والكاشفة لمفاتن الفتيات الملتحقات حديثا بالشبكة، وتعطي تعليمات كلها تحريض وتهديد ووعيد من أجل المثابرة في العمل، قبل تناول الفطور الذي يكون في غالبه شايا وخبزا وسجائر، وتقوم بتكليف من يتوفرن على عطلة إجبارية (اللواتي في فترة حيض) بالعمل على مساعدة الحراس بمداخل الزنقة، حيث يتكلفن بالمرور من الزنقة مرتديات لباسا محترما في حال قدوم رجال الشرطة الذي يكون قليلا». «وتضيف «نوال بنت القصيبة» واصفة مراحل العمل: «بعد ذلك نخرج من المنزل ونبدأ في معاكسة وإغراء كل من يمر من الزنقة قبل جره بالقوة إن لم يستجب مباشرة، وعلى الفتاة ألا تفلت الزبون كيفما كان نوعه أو شكله وتقنعه بالدخول. وتلجأ الفتيات إلى أسلوب الإغراء بداية لأن ذلك يوفر لهن مبلغا إضافيا فوق مبلغ التعريفة. وبعد دخول الزبون إلى البيت يقوم بمعاشرة من أدخلته بسرعة، حيث تكون فتاة مكلفة بالداخل بأمره بالإسراع في قضاء وطره، وقد تستغرق العملية أقل من دقيقتين قبل أن يخرج الزبون إلى حال سبيله وتتكفل الفتاة بنقل تعريفة الدخول إلى الباطرونة».
ويستمر العمل إلى المساء رغم أن حركة السير بالزنقة تقل نوعا ما. وللعمل الليلي شروطه وطقوسه، كما تؤكد «فتيحة « المنحدرة من بعض ضواحي مدينة خنيفرة، حيث «يبدأ العمل الليلي بتكليف الباطرونة لبعض الفتيات اللواتي يكن جديدات بالسهر مع من له علاقة بالشبكة من الفيدورات والحراس، قبل قدوم زبناء من نوع خاص يطلبون مبيت فتاة أو أكثر من الباطرونة التي تشرف على عملية الاختيار والتوجيه، وتستفيد من المبلغ المالي مباشرة، في حين قد يجود الزبون على الفتاة ببعض المال حسب مزاجه. وتشترط الباطرونة إرجاع الفتاة أو التهديد بالحرمان من خدمات الشبكة، وغالبا ما تتعرض الفتيات لعمليات احتجاز وضرب وإجبار على تقديم خدمات جنسية لأكثر من عشرين فردا في ليلة واحدة مادام الأمر «تويزة»، تؤكد فتيحة قبل أن تضيف، «لقد تعرضت شخصيا كم من مرة للضرب والكي بالنار وتجريدي من الملابس من طرف زبناء للشبكة، لكن الباطرونة كانت تنهرنا وتأمرنا بالكف عن الشكوى مادمنا نشتغل في الدعارة أو اختيار طريق آخر، لذلك اخترت الاستقلال الذاتي».
النفخ في الرماد
يشعر أغلب من التقتهم «المساء» من سكان المدينة القديمة بغصة في الحلق من تأثير زنقة الحناجرة على سمعة المدينة ودورها في إفساد ناشئة الأزقة والدروب المجاورة. يؤكد (جواد.ص)، واحد ممن التقتهم «المساء» وأحد الموقعين على عرائض سابقة: «لقد وقعت مع السكان على أزيد من خمس عرائض تستنكر الدعارة بزنقة الحناجرة، وطالبنا في كل مرة بالتدخل العاجل والفوري لوضع حد لظاهرة الدعارة المقننة بزنقة الحناجرة بعد تحولها إلى ماخور محلي، لكننا كنا كمن ينفخ في الرماد وبدل أن يتم الحد من الظاهرة أصبحنا نرى بيوتا جديدة لشبكات الدعارة بعد ترحيل سكان الزنقة الأصليين قصرا». ويضيف «جواد.ص» ساخرا من الوضع الذي وصلت إليه زنقة الحناجرة: «ربما ينبغي أن نطالب في عرائض جديدة بزيادة مواخير الدعارة لعل من يهمهم الأمر يتدخلون لحرماننا من نعمة الدعارة وآثارها الإيجابية على الاقتصاد المحلي وعلى الأخلاق العامة، خاصة بعد فضيحة الشريط المصور الذي أصبحنا معه نخجل من ذكر انتمائنا إلى المدينة القديمة».
الحملات التمشيطية التي تقوم بها مصالح الشرطة في رأي (عبد الله .ب) «غير كافية إن لم تكن مجرد در للرماد في العيون؛ فبمجرد اعتقال الباطرونة يبدأ من ينوب عنها في مباشرة عمل الشبكة، ومن يعتقلن من العاهرات يتم إطلاق سراحهن بكفالة تصل إلى 300 درهم بعد أقل من 48 ساعة على اعتقالهن، بل وأصبحنا لا نجرؤ على الاحتجاج أو الاستنكار بعد اتخاذ الشبكات المذكورة لعصابات من ذوي السوابق، نخاف من عناصرها على أمننا وأرواحنا».
قضية مخدرات تكشف عن الفساد في سجن باب النوادر
جمال وهبي
أثارت قضية ضبط شاب (ع.ف) بكمية من المخدرات في معبر باب سبتة اهتمام المراقبين بمدينة تطوان، بعدما كشف ملفه عن تواطؤ بين بعض رجال الأمن وحراس سجن باب النوادر بتطوان وعدة أشخاص آخرين يعملون في قطاعات حساسة مختلفة، تقاضوا أموالا طائلة مقابل التدخل لحل الملف وإطلاق سراح المعتقل، حسب ما هو مثبت في محاضر التحقيق التي اطلعت عليها «المساء». وطلب موظف بالسجن، حسب نفس المحاضر، 17 ألف درهم من أجل أن يوفر للمعتقل مكانا جيدا داخل زنزانة غير مكتظة.
وتعود أطوار الملف، الذي كشف عن رأس جبل الجليد لما يجرى من فساد داخل المؤسسات السجنية والأمنية وقطاعات أخرى، عندما تم ضبط المعتقل (ع.ف) رفقة زوجته الإسبانية (ي.إ. م ) وابنتهما الرضيعة وبحوزتهم 10 كيلوغرامات من الحشيش مدسوسة في السيارة. دقائق بعد الاعتقال ستنطلق آلة الفساد والرشوة والمساومات من طرف عدة جهات للتوسط للشخص وزوجته للخروج من السجن وطبخ الملف، أو على الأقل التخفيف عليهما أثناء التحقيق حتى لا تتم إدانتهما بمدة كبيرة من السجن. ويكشف محضر الاستماع المنجز يوم 27 من الشهر الماضي، إفادة (ك.ف)، وهو أخو المعتقل، بأنه ربط الاتصال مع عدة جهات أكدت له أنها ستعمل مقابل مبالغ مالية مهمة على إطلاق الزوجة الإسبانية ورضيعها، قبل أن تتم «معالجة» الملف لتخفيف الحكم على الزوج المعتقل كذلك. يوما بعدها سيلتقي أخو المعتقل بمرشد سياحي، يدعى (ج.ح)، والذي ربط له اتصالا بموظف بسجن باب النوادر للتفاهم معه حول عمولته من أجل «تهييء ظروف حسنة لإقامة أخيه داخل سجن باب النوادر»، ولم يتردد الموظف المدعو (م.ب) في طلب 20 ألف درهم مقابل ذلك، قبل أن تستقر الأطراف المفاوضة على 17 ألف درهم، يقول المحضر الأمني.
ورغم الحكم يوم أول أمس على المعتقل بـ30 شهرا حبسا نافذا، فإن زوجة هذا الأخير، التي أطلق سراحها يومين بعد ذلك، تقول إن الملف متشعب أكثر مما يتوقع، نظرا لتدخل وتورط عدة أطراف فيه، حيث تطالب بفتح تحقيق جدي واعتقال الأشخاص الأربعة الذين صدرت في حقهم مذكرات بحث، حيث إن بعضهم يقيم بجبل طارق والبعض الآخر في إسبانيا وتطوان، مما سيؤدي إلى الكشف عن المزيد من الحقائق والمعطيات حول الأشخاص المتورطين في الابتزاز والمساومات في ملفات المخدرات، والتي حسب المحاضر نفسها وصلت إلى 85 ألف درهم، تم إرسالها من طرف أخت المعتقل (و) على شكل ثلاث دفعات إلى وكالة لتحويل الأموال، و1800 أورو تم إرسالها من جبل طارق إلى سبتة، تم العثور عليها داخل شقة والدة المعتقل قبل حجزها من طرف الضابطة القضائية بعد التحقيق واعتراف المتهمين بخصوصها.
وتتضارب أقوال الموظف بسجن باب النوادر بخصوص تسلمه مبلغ 17 ألف درهم، كما تتضارب بشأن رقم هاتفه الذي كان يتصل به مع المساومين، وهو الرقم الذي أكدت إدارة السجن أنه رقم هاتفه الشخصي. ويقول الموظف السجني في «محضر استماع إضافي» آخر إنه يتوفر في منزله على مبلغ 210 آلاف درهم و220 ألف درهم، وهي مبالغ، حسب قوله، تمكن من جمعها عن طريق فوزه برهان الخيل المعروف بـ التيرسي»، مضيفا أنه فاز في شهر أكتوبر بمبلغ 340 ألف درهم، كما فاز بمبلغ 160 ألف درهم. لكن في المحضر نفسه فإن الموظف السجني، ورغم نفيه تلقي أي مبلغ من طرف أخ المعتقل، فإنه بيدي «استعداده لتسلم مبلغ 17 ألف درهم».
يقتل مشغله طمعافي المال بالدار البيضاء
عبد الواحد ماهر
احتشد فضوليون، مساء أول أمس الاثنين، غير بعيد عن مقبرة «الشهداء» بالدار البيضاء لمتابعة أطوار تشخيص جريمة قتل نفذها شخصان وراح ضحيتها تاجر يملك مخزنا لبيع إطارات الصور الفوتوغرافية وجدت جثته غارقة في الدماء ومربوطة بحبل في الخامس من دجنبر الجاري.
«أريانا كيف قتلتماه»، يسأل عزيز الإدريسي رئيس الشرطة القضائية لأمن الحي المحمدي عين السبع شخصين استقدمهما رجال الأمن لإعادة تمثيل فصول جريمة القتل التي راح ضحيتها المسمى العياشي بركات (56 سنة) والمنحدر من منطقة الشياظمة.
«ناديت شريكي، وعندما دخل إلى المحل التجاري أخفيته بين السلع، بعد هنيهة دخل مشغلي المحل مرتديا جلبابا بنيا، فأعطيت شريكي إشارة الشروع في العمل، غافلنا مشغلي وأخفينا وجهه بقب الجلباب الذي كان يرتديه، ووجه له شريكي طعنة غائرة على مستوى الرئة اليمنى، فيما أحكمت أنا قبضتي عليه، سقط العياشي أرضا وطفقنا في الإجهاز عليه، بعد ذلك كبلنا أطرافه بخيوط كهربائية وغادرنا المحل من الباب الخلفي.»، يشرح ( الميلودي.م) المتهم رفقة شريكه بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد واستعمال وسائل التعذيب والسرقات الموصوفة، لرجال الشرطة كيفية ارتكابهما للجريمة تحت عدسات المصورين الفوتوغرافيين.
«طيب ولماذا قتلتماه»، يسأل ضابط شرطة الجانيين الغارقين في نظرات ملؤها الانكسار، فيرد أحدهما قائلا: «غير الطمع أشّاف، كنا باغيين لفلوس الساعة ملي قتلناه لقينا غير 20 ردهم ودفتر شيكات، بعد ذلك استولينا على سيارته (من طراز كونغو) ومفاتيح مخزن للسلع بحي الإدريسية، إذ تمكنا من بيع شحنة من»الكادرات» بمبلغ 9 آلاف درهم، أما السيارة فكنا على وشك بيعها وتسلمنا مبلغ 10 آلاف درهم من أصل 150 ألف درهم، وهو السعر الذي كنا سنبيعها به لأحد الأشخاص.
داخل محل تجاري ضيق بالزنقة 1 بحي التيسير طفق الجانيان يشخصان كيفية ارتكابهما لجريمة القتل، وبين الفينة والأخرى كان رئيس المنطقة الأمنية لأمن الحي المحمدي عين السبع يتدخل طالبا من المصورين الصحافيين الانتظام والكف عن التدافع لالتقاط الصور، قبل أن يعطى أمره باستئناف عملية إعادة تمثيل الجريمة.
«إييه وملي قتلتوه فين لحتو الموس»، يسأل رجل شرطة بزي مدني المتهمين، ليرد أحدهما بالقول إنهما تخلصا من أداة الجريمة في الفناء الخلفي للمحل مباشرة بعد أن أجهزا على الضحية وتركا جثته غارقة في الدماء وسط المحل.
رائحة «الكونطر بلاكي» تتسلل نفاذة إلى الأنف في مسرح الجريمة، في الخارج وقف فضوليون مشرئبين بأعناقهم وراء حاجز شريط بلاستيكي أصفر أقامته الشرطة للحيلولة دون اقتراب المتجمهرين من المحل التجاري الذي شهد مقتل صاحبه طعنا بسكين مطلع دجنبر الجاري.
مصدر مقرب من أسرة الهالك قال لـ»المساء» إن أحد مرتكبي جريمة القتل ليس سوى مستخدم لدى الهالك، وزاد قائلا: «لقد انتشله الراحل من الشارع وحماه من التشرد ومنحه سكنا لائقا وأجرة شهرية تصل إلى 4000 درهم، وجزاء له على ذلك، أقدم على قتله..».
الأربعاء، 17 ديسمبر 2008
٪22 من المتعاطيات للدعارة بمرتيل قاصرات
- جمال وهبي
كشفت دراسة مستقلة أعدها دكتور إسباني في علم الاجتماع بجامعة غرناطة الإسبانية حول الدعارة في المناطق السياحية بتطوان، عن مفارقات كبيرة وأرقام تصل حتى طرح إشكاليات خطيرة ومخيفة. وأفادت نتائج الأطروحة/الدراسة التي أنجزها الدكتور أنطونيو مارتين بأن أكثر من 22 في المائة من «العاملات» في الدعارة بمرتيل هن من الشابات القاصرات و16 في المائة عذراوات، وهن طالبات وتلميذات لم يفقدن بكاراتهن بعد، ويمارسن الجنس بطرق شاذة مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين 100 و200 درهم.
وتقول الدراسة، التي استغرق الباحث في إنجازها مدة ثلاثة أشهر متنقلا بين المدن الساحلية القريبة من إسبانيا كمرتيل والمضيق والفنيدق، إن أغلب التلميذات القاصرات المتعاطيات لدعارة «الخدمة السريعة» يقنعن فقط بدعوات للأكل وبطاقة لتعبئة الهاتف المحمول أو مبلغ لاقتناء السجائر وبعض مساحيق التجميل، تفاديا للفت نظر عائلاتهن إلى مداخيلهن المالية المهمة. وأفادت بعض الباغيات «المساء» بأن أكثر من 1100 امرأة من الممتهنات للبغاء بمرتيل يقدمن مبالغ مالية شهريا لبعض رجال الأمن مقابل التغاضي عن «مهنتهن» وتفاديا للمضايقات الأمنية التي قد تطالهن كل حين. وأفاد محدثونا بأن مجموع الإتاوات التي تمنحنها «عاملات للجنس» بمرتيل لبعض رجال الأمن تتراوح ما بين 500 وألف درهم، مما يعني، على الأقل، أن أكثر من 50 مليون سنتيم شهريا تنتهي في جيوب هؤلاء.
من جهتهم، كشف حراس بعض الإقامات السكنية والسياحية بمرتيل لـ«المساء» أن أكثر من 20 في المائة من الشقق المفروشة بالمدينة هي خاصة بممارسة الجنس «السريع» مقابل 200 درهم للساعة، فيما تفضل أخريات الانزواء بعيدا داخل فيلات بمنطقة الوادي المالح، أو بمجمع سكني معروف في كورنيش مرتيل. وكشف حارس آخر عن واقعة تمثلت أمام عينيه، أثبتت العلاقة الوطيدة التي تجمع بين مسؤول كبير عن مصلحة للشرطة في مرتيل وبين شبكة كبيرة من الممتهنات للدعارة. وأضاف محدثنا أن شجارا وقع منذ حوالي شهر في أحد التجمعات السكنية بكورنيش مرتيل بين أحد المسؤولين عن المجمع السكني وبين بعض الباغيات، حيث منعهن من دخول المجمع السكني ليلا لـ«تنشيط» ليلة حمراء، ليفاجأ بعدها بتركيبهن مباشرة لرقم الهاتف المحمول لمسؤول عن فرقة للشرطة بمرتيل لإطلاعه على منعهن من الدخول، ليحل هذا الأخير فورا بالمكان لإدخالهن عنوة إلى المجمع السكني، قبل أن يقوم بتوزيعهن على بعض الشقق المفروشة التي كان بداخلها سائحون إسبان من مدينة سبتة وبعض مهربي المخدرات، يقول أحد حراس مجمع سكني.
ويحكي أحد سائقي سيارة الأجرة أن انتشار ظاهرة الشقق المفروشة، التي تؤجر بشكل يومي، بمرتيل بدأت تقرع معه أجراس الخطر، بعد أن تبين أن جميعها تقريبا تستغل من قبل وسطاء شبكات الدعارة التي حولت هذه الفضاءات إلى أوكار مشبوهة ولتصوير بعض أفلام الخلاعة من طرف «السائحين» كما هي حالة الجندي الإسباني الذي ضبط السنة الماضية وهو يصور عددا من مشاهد الخلاعة رفقة فتيات بمرتيل، مما دفع العديد من العائلات في بعض الأحياء، حتى الراقية منها، إلى تغيير محلات سكناهم تجنبا للشبهات.
مغالطات
رشيد نيني
يستحق الصحافي العراقي الذي «شير» بفردتي حذائه «نمرة 44» باتجاه الرئيس الأمريكي جورج بوش المنتهية ولايته أن يكون «صحافي السنة» في العالم العربي. فهو لم يدخل التاريخ فحسب وإنما أدخل أيضا جنسا جديدا إلى عالم الصحافة. وهذا الجنس الصحافي الجديد يقتضي أن يلقي الصحافي بحذائه على الضيف عوض أن يلقي عليه أسئلته.
والواقع أن الصحافي العراقي لم يفعل غير الانتقام لكل العراقيين والعرب والمسلمين، وحتى الأمريكيين، الذين تمنوا في يوم من الأيام رمي جورج بوش بفردة حذاء جزاء له على كل الحروب التي أشعلها في تلابيب الكرة الأرضية قبل أن يغادر البيت الأبيض الذي دخله الرجل الأسود.
فقمة السخافة والاستفزاز والضحك على الذقون هي أن يعترف بوش قبل أسبوع في واشنطن بأن حرب العراق كانت خطأ، ثم يأتي إلى بغداد لكي يلقي نظرة الوداع على الخراب العظيم الذي «سهر» على إنجازه بسبب إصراره على الخطأ.
وبسبب ما قام به هذا الصحافي العراقي سيصبح حكام أمريكا مجبرين على فرض احتياطات جديدة على حضور الصحافيين العرب للقاءاتهم. وهكذا سيصبح نزع الأحذية ووضعها أمام الباب شرطا ضروريا لدخول قاعات الندوات الصحافية، مع كتابة تحذير أمام الباب كذلك الذي نقرؤه في المساجد «حرصا على سلامتك، ضع حذاءك أمام الباب قبل الدخول».
والظاهر أن الصحافي لم يتمالك أعصابه وهو يستمع إلى جورج بوش يتحدث عن جلبه الحرية للعراقيين بينما هم اليوم أكثر عبودية من السابق. فقرر أن يغير هذا المنكر، ولو بحذائه، وذلك أضعف الإيمان.
والإنسان يستطيع أن يتحمل النفاق، لكنه لا يستطيع أن يتحمل التضليل. خصوصا إذا كان التضليل يراد منه تغليط شعب وأمة بكاملها.
في الدول الديمقراطية يعتبر تغليط الرأي العام جريمة تؤدي بصاحبها إلى المحاكمة أو الإقالة على أقل تقدير. وفي كثير من الندوات الصحافية التي تنظم في المغرب لا يستحق فقط منظموها أن تلقي عليهم الأسئلة وإنما الأحذية كما فعل صديقنا الصحافي العراقي. فهم يغالطون الرأي العام دون أن يرف لهم جفن، وينتظرون من الصحافيين أن «يغطوا» هذه المغالطات وينشروها بين قرائهم.
وأخطر من مغالطة الرأي العام هناك إخفاء المعلومات عن الرأي العام. وسوف أعطيكم بعض الأمثلة على هذه الهواية المغربية لكي تفهموا أن صحة وسلامة المواطنين هي آخر ما يهم من يديرون أمورنا.
منذ عهد يونس معمر، المدير السابق للمكتب الوطني للكهرباء، ووزارة الطاقة تهلل لمصابيح «فيليبس» الاقتصادية التي سيعوض بها المصابيح القديمة. وكل ما ركزت عليه حملة وزارة الطاقة الإعلامية هو أن هذه المصابيح ستوفر على المغرب مصاريف زائدة كانت تأكلها المصابيح القديمة بشراهة. لكن ما تخفيه وزارة الطاقة على المواطنين هو أن هذه المصابيح المتقشفة على مستوى استهلاك الطاقة لديها ثلاثة سلبيات. أولاها أن المصابيح الجديدة يجب أن تكون بعيدة عن المستهلك لأنها تحدث طنينا مزعجا، وثانيا فهذا الأمر غير ممكن لأن نور المصباح الجديد ضعيف مقارنة بالسابق ولذلك يجب أن يكون قريبا من المستهلك. أما ثالث وأخطر مشكل تتكتم حوله وزارة الطاقة فهو أنه في حالة تحطم المصباح فإن مكوناته الزئبقية تنتشر في الهواء وتهدد صحة المستهلك مباشرة. وقد أثبتت دراسة حديثة في فرنسا نشرها «مركز الأبحاث والمعلومات المستقل حول الإشعاعات المغناطيسية» أن مكونات المصباح الزئبقية تتسبب لمستنشقيها في أمراض سرطانية.
وفي نشرة أخبار إحدى القنوات الفرنسية العمومية، جاء ممثل عن شركة الكهرباء حاملا معه مصباحين، واحد من الصنف القديم وآخر من الصنف الجديد، وشرح للرأي العام في دقيقة ونصف ماذا سيربحون وماذا سيخسرون إذا ما غيروا مصابيحهم. وقد شرح مبعوث الشركة المخاطر التي سيتعرض لها المستهلكون بصراحة، وكشف لهم بدون عقد أنه في حالة تكسر المصباح الجديد فعليهم أن يجمعوا شظاياه بالقفازات وأن يفتحوا النوافذ على الفور حتى يخرج الهواء المشبع بالزئبق.
أما عندنا في المغرب فعندما اتصلنا بالمكتب الوطني للكهرباء لكي نأخذ رأيه في نتائج هذه الدراسة الحديثة، كان هناك من أخبرنا بأن المكلفة بهذا الملف في عطلة.
وهذا الجواب طبعا يعكس بوضوح درجة اهتمام المكتب بالصحة العامة للمواطنين. فبالنسبة إليهم في المكتب الوطني للكهرباء على المواطنين أن يغيروا مصابيحهم وكفى، فليس من حقهم أن يعرفوا تأثير هذا التغيير على صحتهم وصحة أبنائهم.
وقبل سنة من اندلاع قضية الرصاص في الطاجين المغربي، لم يكن أحد يتحدث عن هذا الموضوع. فقط عندما منعت كندا استيراد الطواجين المغربية بسبب نسبة الرصاص الزائدة فيها على الحد، خرجت وزارة الصحة عن صمتها وأخضعت الطواجن للتحليل، واعترفت فعلا بأن الطلاء الذي يستعمله صناع الطاجين هو سبب المشكل. وربما تكون وزارة الصناعة التقليدية قد فرضت على صناع الطواجين الموجهة نحو التصدير احترام شروط الصحة والسلامة العالمية، غير أن الطواجين المخصصة للاستهلاك المحلي لازالت كما هي، مغطاة بنفس الطلاء (الفيرني) المسبب لأمراض مزمنة بسبب نسبة الرصاص المرتفعة في مكوناته.
والظاهر أن ما يهم بعض الوزارات عندنا هو صحة المستهلك الأوربي وليس المستهلك المحلي. فالأسواق الأوربية تفرض على كل من يريد دخولها احترام القوانين المعمول بها عالميا في مجال السلامة. وهذا ما يفسر لجوء وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى نشر إعلان عن طلبات عروض لإنجاز دراسة حول نسبة الرصاص في السردين المعلب المصدر إلى الخارج.
ومنذ عشرات السنين والمغاربة يأكلون «باط» السردين دون أن يكون هناك من ينبههم إلى أن هناك نسبة من الرصاص لا يجب أن تتجاوزها كل علبة. ولم تنتبه وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى نسبة الرصاص إلا بعدما تلقت تنبيها من الاتحاد الأوربي بضرورة احترام هذه النسبة للبقاء في السوق.
فما يهم في المقام الأول هو صحة المستهلك الأوربي وراحة باله. وعلى ذكر راحة البال، فقد كانت وزارة الداخلية على عهد إدريس البصري تحذر جمعيات الأطباء من الحديث حول وجود السيدا في المغرب حتى لا يهرب السياح. فالمهم في نظر وزارة الداخلية هو مداخيل السياحة بالعملة الصعبة أما وجود السيدا أو «الجايحة الكحلة» في المغرب فلا يهم في شيء.
وقبل شهر اندلعت في فرنسا قضية «المصاعد المشعة»، التي تحمل علامة «أوتيس»، ونشرت «الوكالة الفرنسية من أجل الأمن الإشعاعي» دراسة علمية تثبت أن أزرار مصاعد هذه الشركة تصدر إشعاعات قد يكون لها تأثير سلبي على صحة مستعمليها. وبدأت الشركة في فرنسا بسحب العينة المقصودة من السوق.
في المغرب لم نسمع أي مسؤول من وزارة الصحة أو وزارة الطاقة يظهر في وسائل الإعلام العمومية لكي يطمئن مستعملي مصاعد شركة «أوتيس» على سلامتهم. خصوصا وأن شركة «أوتيس» تستحوذ على مجمل سوق المصاعد في المغرب. مع العلم بأن فرع الشركة بالمغرب توصل بمراسلة من فرنسا تسأله فيها هل تم ترويج هذه العينة من المصاعد في المغرب.
إخفاء الحقائق عن الرأي العام لا يتعلق فقط بالقضايا التي تمس صحتهم العامة، وإنما حتى القضايا التي تمس مستقبل الشعب. وقد رأينا كيف تبارى كل من وزير المالية والوزير المكلف بالأمانة العامة للحكومة في تكذيب خبر وصول الأزمة العالمية إلى المغرب. رغم أن الجميع يرى كيف أن عائدات السياحة تراجعت، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 17 في المائة.
وبما أننا بدأنا بالحديث حول الصحافة دعونا ننهيه بالصحافة أيضا. وبالضبط بتلك القصاصة التي عممتها وكالة المغرب العربي للأنباء بخصوص رفعي لدعوى قضائية ضد زيان بتهمة السب والقذف بواسطة الصحافة. فقد كتبت الوكالة قائلة بأن المقال الذي تسبب في الدعوى عنوانه «ثقافة الحقيقة، قال فيه زيان بالخصوص إن المسلم لا يكذب.
وهكذا فالوكالة الرسمية تركت كل السب والقذف الذي يحفل به مقال زيان في حقي، وحاولت أن تغالط الرأي العام وتقنعه بأنني أقاضيه بسبب قوله أن المسلم لا يكذب. وحتى نطلع الرأي العام على سبب الدعوى القضائية التي رفعناها ضد زيان، ونميط اللثام عن الجمل التي أغفلت الوكالة الرسمية ذكرها سننشر الجمل التي بسببها لجأنا إلى القضاء ضد زيان. فقد كتب سيادة النقيب قائلا «أظن أنه إذا كان هناك من نضال ينبغي القيام به، هو النضال من أجل قول الحقيقة ونشرها وفرضها، أما أن توجد لدينا صحف تتميز بالقذف والسب واللعن والتأويل والكذب والتزوير والتلاسن والتعنت مثلما هو الأمر بالنسبة إلى يومية «المساء» التي يديرها رجل فضل «التسلكيط» عوض حرية الصحافة، فهذا أمر يندى له الجبين».
بسبب هذه الشتائم المنحطة إذن لجأنا إلى القضاء، وليس بسبب حكاية «المسلم الذي لا يكذب» كما حاولت أن تروج الوكالة لمغالطة الرأي العام.
يستحق الصحافي العراقي الذي «شير» بفردتي حذائه «نمرة 44» باتجاه الرئيس الأمريكي جورج بوش المنتهية ولايته أن يكون «صحافي السنة» في العالم العربي. فهو لم يدخل التاريخ فحسب وإنما أدخل أيضا جنسا جديدا إلى عالم الصحافة. وهذا الجنس الصحافي الجديد يقتضي أن يلقي الصحافي بحذائه على الضيف عوض أن يلقي عليه أسئلته.
والواقع أن الصحافي العراقي لم يفعل غير الانتقام لكل العراقيين والعرب والمسلمين، وحتى الأمريكيين، الذين تمنوا في يوم من الأيام رمي جورج بوش بفردة حذاء جزاء له على كل الحروب التي أشعلها في تلابيب الكرة الأرضية قبل أن يغادر البيت الأبيض الذي دخله الرجل الأسود.
فقمة السخافة والاستفزاز والضحك على الذقون هي أن يعترف بوش قبل أسبوع في واشنطن بأن حرب العراق كانت خطأ، ثم يأتي إلى بغداد لكي يلقي نظرة الوداع على الخراب العظيم الذي «سهر» على إنجازه بسبب إصراره على الخطأ.
وبسبب ما قام به هذا الصحافي العراقي سيصبح حكام أمريكا مجبرين على فرض احتياطات جديدة على حضور الصحافيين العرب للقاءاتهم. وهكذا سيصبح نزع الأحذية ووضعها أمام الباب شرطا ضروريا لدخول قاعات الندوات الصحافية، مع كتابة تحذير أمام الباب كذلك الذي نقرؤه في المساجد «حرصا على سلامتك، ضع حذاءك أمام الباب قبل الدخول».
والظاهر أن الصحافي لم يتمالك أعصابه وهو يستمع إلى جورج بوش يتحدث عن جلبه الحرية للعراقيين بينما هم اليوم أكثر عبودية من السابق. فقرر أن يغير هذا المنكر، ولو بحذائه، وذلك أضعف الإيمان.
والإنسان يستطيع أن يتحمل النفاق، لكنه لا يستطيع أن يتحمل التضليل. خصوصا إذا كان التضليل يراد منه تغليط شعب وأمة بكاملها.
في الدول الديمقراطية يعتبر تغليط الرأي العام جريمة تؤدي بصاحبها إلى المحاكمة أو الإقالة على أقل تقدير. وفي كثير من الندوات الصحافية التي تنظم في المغرب لا يستحق فقط منظموها أن تلقي عليهم الأسئلة وإنما الأحذية كما فعل صديقنا الصحافي العراقي. فهم يغالطون الرأي العام دون أن يرف لهم جفن، وينتظرون من الصحافيين أن «يغطوا» هذه المغالطات وينشروها بين قرائهم.
وأخطر من مغالطة الرأي العام هناك إخفاء المعلومات عن الرأي العام. وسوف أعطيكم بعض الأمثلة على هذه الهواية المغربية لكي تفهموا أن صحة وسلامة المواطنين هي آخر ما يهم من يديرون أمورنا.
منذ عهد يونس معمر، المدير السابق للمكتب الوطني للكهرباء، ووزارة الطاقة تهلل لمصابيح «فيليبس» الاقتصادية التي سيعوض بها المصابيح القديمة. وكل ما ركزت عليه حملة وزارة الطاقة الإعلامية هو أن هذه المصابيح ستوفر على المغرب مصاريف زائدة كانت تأكلها المصابيح القديمة بشراهة. لكن ما تخفيه وزارة الطاقة على المواطنين هو أن هذه المصابيح المتقشفة على مستوى استهلاك الطاقة لديها ثلاثة سلبيات. أولاها أن المصابيح الجديدة يجب أن تكون بعيدة عن المستهلك لأنها تحدث طنينا مزعجا، وثانيا فهذا الأمر غير ممكن لأن نور المصباح الجديد ضعيف مقارنة بالسابق ولذلك يجب أن يكون قريبا من المستهلك. أما ثالث وأخطر مشكل تتكتم حوله وزارة الطاقة فهو أنه في حالة تحطم المصباح فإن مكوناته الزئبقية تنتشر في الهواء وتهدد صحة المستهلك مباشرة. وقد أثبتت دراسة حديثة في فرنسا نشرها «مركز الأبحاث والمعلومات المستقل حول الإشعاعات المغناطيسية» أن مكونات المصباح الزئبقية تتسبب لمستنشقيها في أمراض سرطانية.
وفي نشرة أخبار إحدى القنوات الفرنسية العمومية، جاء ممثل عن شركة الكهرباء حاملا معه مصباحين، واحد من الصنف القديم وآخر من الصنف الجديد، وشرح للرأي العام في دقيقة ونصف ماذا سيربحون وماذا سيخسرون إذا ما غيروا مصابيحهم. وقد شرح مبعوث الشركة المخاطر التي سيتعرض لها المستهلكون بصراحة، وكشف لهم بدون عقد أنه في حالة تكسر المصباح الجديد فعليهم أن يجمعوا شظاياه بالقفازات وأن يفتحوا النوافذ على الفور حتى يخرج الهواء المشبع بالزئبق.
أما عندنا في المغرب فعندما اتصلنا بالمكتب الوطني للكهرباء لكي نأخذ رأيه في نتائج هذه الدراسة الحديثة، كان هناك من أخبرنا بأن المكلفة بهذا الملف في عطلة.
وهذا الجواب طبعا يعكس بوضوح درجة اهتمام المكتب بالصحة العامة للمواطنين. فبالنسبة إليهم في المكتب الوطني للكهرباء على المواطنين أن يغيروا مصابيحهم وكفى، فليس من حقهم أن يعرفوا تأثير هذا التغيير على صحتهم وصحة أبنائهم.
وقبل سنة من اندلاع قضية الرصاص في الطاجين المغربي، لم يكن أحد يتحدث عن هذا الموضوع. فقط عندما منعت كندا استيراد الطواجين المغربية بسبب نسبة الرصاص الزائدة فيها على الحد، خرجت وزارة الصحة عن صمتها وأخضعت الطواجن للتحليل، واعترفت فعلا بأن الطلاء الذي يستعمله صناع الطاجين هو سبب المشكل. وربما تكون وزارة الصناعة التقليدية قد فرضت على صناع الطواجين الموجهة نحو التصدير احترام شروط الصحة والسلامة العالمية، غير أن الطواجين المخصصة للاستهلاك المحلي لازالت كما هي، مغطاة بنفس الطلاء (الفيرني) المسبب لأمراض مزمنة بسبب نسبة الرصاص المرتفعة في مكوناته.
والظاهر أن ما يهم بعض الوزارات عندنا هو صحة المستهلك الأوربي وليس المستهلك المحلي. فالأسواق الأوربية تفرض على كل من يريد دخولها احترام القوانين المعمول بها عالميا في مجال السلامة. وهذا ما يفسر لجوء وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى نشر إعلان عن طلبات عروض لإنجاز دراسة حول نسبة الرصاص في السردين المعلب المصدر إلى الخارج.
ومنذ عشرات السنين والمغاربة يأكلون «باط» السردين دون أن يكون هناك من ينبههم إلى أن هناك نسبة من الرصاص لا يجب أن تتجاوزها كل علبة. ولم تنتبه وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى نسبة الرصاص إلا بعدما تلقت تنبيها من الاتحاد الأوربي بضرورة احترام هذه النسبة للبقاء في السوق.
فما يهم في المقام الأول هو صحة المستهلك الأوربي وراحة باله. وعلى ذكر راحة البال، فقد كانت وزارة الداخلية على عهد إدريس البصري تحذر جمعيات الأطباء من الحديث حول وجود السيدا في المغرب حتى لا يهرب السياح. فالمهم في نظر وزارة الداخلية هو مداخيل السياحة بالعملة الصعبة أما وجود السيدا أو «الجايحة الكحلة» في المغرب فلا يهم في شيء.
وقبل شهر اندلعت في فرنسا قضية «المصاعد المشعة»، التي تحمل علامة «أوتيس»، ونشرت «الوكالة الفرنسية من أجل الأمن الإشعاعي» دراسة علمية تثبت أن أزرار مصاعد هذه الشركة تصدر إشعاعات قد يكون لها تأثير سلبي على صحة مستعمليها. وبدأت الشركة في فرنسا بسحب العينة المقصودة من السوق.
في المغرب لم نسمع أي مسؤول من وزارة الصحة أو وزارة الطاقة يظهر في وسائل الإعلام العمومية لكي يطمئن مستعملي مصاعد شركة «أوتيس» على سلامتهم. خصوصا وأن شركة «أوتيس» تستحوذ على مجمل سوق المصاعد في المغرب. مع العلم بأن فرع الشركة بالمغرب توصل بمراسلة من فرنسا تسأله فيها هل تم ترويج هذه العينة من المصاعد في المغرب.
إخفاء الحقائق عن الرأي العام لا يتعلق فقط بالقضايا التي تمس صحتهم العامة، وإنما حتى القضايا التي تمس مستقبل الشعب. وقد رأينا كيف تبارى كل من وزير المالية والوزير المكلف بالأمانة العامة للحكومة في تكذيب خبر وصول الأزمة العالمية إلى المغرب. رغم أن الجميع يرى كيف أن عائدات السياحة تراجعت، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 17 في المائة.
وبما أننا بدأنا بالحديث حول الصحافة دعونا ننهيه بالصحافة أيضا. وبالضبط بتلك القصاصة التي عممتها وكالة المغرب العربي للأنباء بخصوص رفعي لدعوى قضائية ضد زيان بتهمة السب والقذف بواسطة الصحافة. فقد كتبت الوكالة قائلة بأن المقال الذي تسبب في الدعوى عنوانه «ثقافة الحقيقة، قال فيه زيان بالخصوص إن المسلم لا يكذب.
وهكذا فالوكالة الرسمية تركت كل السب والقذف الذي يحفل به مقال زيان في حقي، وحاولت أن تغالط الرأي العام وتقنعه بأنني أقاضيه بسبب قوله أن المسلم لا يكذب. وحتى نطلع الرأي العام على سبب الدعوى القضائية التي رفعناها ضد زيان، ونميط اللثام عن الجمل التي أغفلت الوكالة الرسمية ذكرها سننشر الجمل التي بسببها لجأنا إلى القضاء ضد زيان. فقد كتب سيادة النقيب قائلا «أظن أنه إذا كان هناك من نضال ينبغي القيام به، هو النضال من أجل قول الحقيقة ونشرها وفرضها، أما أن توجد لدينا صحف تتميز بالقذف والسب واللعن والتأويل والكذب والتزوير والتلاسن والتعنت مثلما هو الأمر بالنسبة إلى يومية «المساء» التي يديرها رجل فضل «التسلكيط» عوض حرية الصحافة، فهذا أمر يندى له الجبين».
بسبب هذه الشتائم المنحطة إذن لجأنا إلى القضاء، وليس بسبب حكاية «المسلم الذي لا يكذب» كما حاولت أن تروج الوكالة لمغالطة الرأي العام.
بِهَذَا ... سَيَكُونُ المَغْرِبُ أَجْمَلَ بَلَدٍ فِي العَالَمِ..؟
عبدالكريم القلالي
أموال كثيرة تهدر، على مشاريع عدة تسطر، وأوهام تلو أوهام يسمعها الشعب، وكل يوم ترصد ميزانيات، ويصادق على مشاريع، لكن الواقع هو هو لا شيء تبدل ولا شيء تغير، معاناة المواطن تزداد تعقيدا، لا يملك الفتيل ولا القطمير، يبحث عن الرغيف، وينام على الرصيف، وإن استمررنا فيما نحن فيه فلن يتغير حالنا، وإن كان دوام الحال من المحال؛
إلا أننا سنظل قاعدة استثنائية، وحالة شاذة ، فما يحتاجه المغرب ليس رصد الميزانيات والمصادقة على المشاريع في قبة البرلمان؛ إن ما يحتاجه المغرب مسؤولون يتحلون بروح المواطنة ويفتخرون بوطنيتهم، ويتميزون بالروح العالية، لا يفرقون بين بيوتهم ووطنهم، والميزانيات التي ترصد هناك مسافرون كثر ينتظرونها في مختلف محطاتها التي ستمر منها، كل مسافر يأخذ ما تيسر من زاده، ومثل الميزانية التي ترصد كمثل شعير في غربال كلما حرك الغربال؛ إلا ونقصت حبات الشعير، فلا ترى سوى الغربال في يدك فارغة، فما من ميزانية ترصد إلا وتخطف خطفا، وكم ميزانية رصدت لمشروع، وأنجز المشروع في الأوراق، ثم قررت له ميزانيات أخرى فأعيد التشييد والبناء في الأوراق، إن ما ينقص المغرب هو مسؤولية التكليف لا مسؤولية التشريف، إن ما ينقص المغرب مسؤولون يقدرون حجم المسؤولية، إن ما ينقص المغرب عقلية البناء لا عقلية النهب والاختلاس، إن ما ينقص المغرب الرجل المناسب في المكان المناسب؛ ينقصنا الأمناء ينقصنا الثقات الذين يتقون الله في مال المواطن، والذين لا يثق الشعب فيهم لا يمكن أن يبنو لهذا الشعب وطنا؛ لأن الشعب أصلا لا يثق فيهم، ومتى كان المتهم حارسا، وكثير ممن يفترض أن يقومو بإنجاز مشاريع نحتاج إلى من يحرسنا منهم حتى لا تطالنا أيديهم بالنهب والسلب -لا قدر الله-. ولن يتم أي إصلاح حقيقي إلا بمحاسبة المسؤولين عن تبذير المال العام ونهبه، واعتماد الكفاءة ومحاربة الغش والغشاشين وتنحيتهم عن مناصبهم قسرا؛ ليكونو عظة لمن تسول له نفسه الضحك على المواطن، وإن احتفظنا بكثير من المفسدين سيبقى الفساد ساريا، وقد عشش وبيض وفرخ، والمواطن تائه في دروب شتى يقاسي مرارة العبش، وألم الحرمان من أبسط الحقوق، والمغرب أجمل لو كان المسؤولون أجمل. وما لا أفهمه هو لما ذا لا ينحى هؤلاء المسؤولون بعد فشلهم ونهبهم وتورطهم، وحمايتهم في مصلحة من؟ ولصالح من؟.
المغرب في ظلام دامس والقناديل المتوفرة لا تضيء فلم لا نستبدلها بقناديل تضيء؛ حتى نبصر ونرى النور؛ وإذا عجز أولئك عن الإضاءة فلم لا نكون نحن الإشراقة،
فهل هم من يغلقون الأبواب؟ أم نحن من يضع دون فتحها العوائق تلو العوائق!.. -ولا يظلم ربك أحدا-. فإما أن ننطاح الهمم وننفض الغبار والكسل وإلا بقينا بين الجيف الرمم.
لا شيء يزعجني ..فقط أريد أن يكون المغرب أجمل بلد في العالم.؟.
الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008
صورة وتعليق
الاستثناء المغربي
رشيد نيني
كيف يمكنك أن تميز المغاربة عن باقي الأجناس الأخرى في الحج. ليس هناك أسهل من ذلك. يكفي أن تبحث عن جماعة تائهة من الحجاج تخلى عنهم مرافقوهم الذين أرسلتهم معهم وزارة أوقافهم وشؤونهم الإسلامية. ففي كل موسم حج يتكرر الفيلم ذاته، حجاج مغاربة يضطرون لطلب «اللجوء الديني» في حافلات الحجاج الفلبينيين والباكستانيين والمصريين بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم إلى عرفات. وحجاج آخرون «تالفين» في منى بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم إلى مكة قبل غروب الشمس حتى لا يذهب حجهم سدى.
هذه السنة وقعت المهزلة نفسها بالنسبة للحجاج المغاربة المسجلين ضمن بعثة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وعوض أن يقف الحجاج المغاربة بجبل عرفات وجدوا أنفسهم مضطرين لتنظيم وقفة احتجاجية بمخيم منى، وشرعوا يكبرون جماعة احتجاجا على الإهمال الذي تعرضوا له من طرف مبعوثي وزارة الأوقاف. فحاصرتهم قوات الأمن السعودية، ولولا الألطاف الإلهية لعادوا إلى المغرب برؤوس «مبرققة» من الضرب وليس برؤوس حليقة ككل الحجاج. فقوات الأمن السعودية لديها قواسم مشتركة كثيرة مع قوات أمننا المغربي.
والغريب في ما يقع لحجاج وزارة الأوقاف المغربية كل سنة في بيت الله الحرام، هو أن حجاج الدرجة الأولى الذين ترسلهم الدولة على حساب أموال دافعي الضرائب لا يعانون من غياب الحافلات التي تقلهم لأداء مناسك الحج كاملة، ولا من مشاكل الإقامة ولا من مشاكل التغذية والتطبيب. فكل هذه الخدمات مضمونة من فئة خمس نجوم. ولعل توفيق حجيرة وزير التعمير الذي ترأس الوفد الرسمي للحج هذه السنة، يستطيع أن يفيدكم أحسن مني في هذا الباب. فمن يحج «بيليكي» على حساب الشعب ليس كمن يتقشف طيلة حياته لكي يوفر مصاريف حجه من عرق جبينه.
والمخجل في الأمر هو أن نرى كيف أن المغاربة مكتوب عليهم، من دون عباد الله جميعا، أن يحتجوا ويصرخوا بالشعارات بسبب الإهمال حتى في بيت الله الحرام.
وعندما تأملت في الموضوع قليلا وجدت أننا نحن المغاربة نشكل حالة استثناء بين سائر الشعوب الأخرى. وسأعطيكم بعض الأمثلة لكي تفهموا أننا، من دون عباد الله، نعاني مع الإدارات والمؤسسات المفروض فيها قضاء شؤوننا وتسهيل أمورنا، وأننا الوحيدون في العالم الذين نحتج في أماكن لم يسبقنا أحد للاحتجاج بها.
عندما نستفسر عن أسباب هذه الوقفة نتفهم ما قام به هؤلاء الحجاج المغاربة. فكل سنة يضيع حج الكثير منهم سدى بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم لأداء إحدى أهم الشعائر وهي الوقوف بعرفة، وبعدها مغادرة مكة قبل غروب الشمس. وهكذا يجد العديد من الحجاج أنفسهم مضطرين للمشي تحت شمس تصل درجة حرارتها إلى 46 درجة، وكثير منهم يتوقف منذ الكيلومتر الثاني. والمصيبة أن هؤلاء الحجاج المغاربة المساكين يرون كيف أن حجاجا قادمين من دول صغيرة جدا ومجهولة ولا تحتفل مثل المغرب بمرور 1200 سنة على تأسيسها، تخصص لهم دولهم حافلات منضبطة التوقيت ومرافقين يلتصقون بهم كظلالهم. فيشعر حجاجنا بالخجل من مغربيتهم، ويتمنون لو أنهم حجوا مع جزر القمر أو الواق واق عوض الحج مع وزارة الأوقاف المغربية.
فهل سمعتم بحجاج آخرين غير الحجاج المغاربة نظموا وقفة احتجاجية في منى بسبب غياب حافلات النقل. مع الأسف هذا لا يحدث سوى للحجاج المغاربة.
أما الجالية المغربية المقيمة بالخارج، فأصبحت هي الأخرى تحتج أمام أبواب القنصليات المغربية. وآخر وقفة احتجاجية كانت تلك التي نظمتها الجالية المغربية أمام سفارة المغرب بالدانمارك احتجاجا على ما أسموه الفساد الأخلاقي وتفشي الرشوة وسط موظفي السفارة. ووجه المحتجون أصابع الاتهام إلى المستشار المكلف بالشؤون القنصلية الذي اتهموه بالتحرش بالنساء اللواتي يفدن على القنصلية لقضاء مصالحهن الإدارية.
ويبدو أننا الشعب الوحيد الذي تحتج جاليته أمام أبواب سفاراتها بالخارج احتجاجا على التحرش الجنسي والرشوة. كما أننا الشعب الوحيد الذي لديه قنصليات في الخارج تفعل كل ما بوسعها لتعقيد أمور جاليتها واستنزاف جيوبهم بمصاريف الطوابع البريدية وأثمان تجديد الوثائق المرتفعة.
وعوض أن تعمل وزارة الخارجية المستحيل لإرضاء هذه الجالية التي يصل تعدادها إلى ثلاثة ملايين مهاجر، والتي بفضل تحويلاتها السنوية من العملة الصعبة لازال المغرب واقفا على رجليه، فإن كل ما تقوم به هو إحصاء مداخيلها الشهرية من عائدات «التنابر» التي تبيعها قنصلياتها عبر العالم.
وفي كل مدن العالم حيث توجد قنصليات المغرب لن تعثر على واحدة «تحمر» الوجه للمغاربة في بلدان إقامتهم. فكلها نسخ رديئة لمقاطعات مغربية متسخة، بدون كراسي انتظار ولا مكيفات هواء، أما المراحيض فيغلقونها بالقفل، ولولا أنهم لعنوا الشيطان لكانوا عينوا على باب كل مرحاض امرأة تضع أمامها «رولو» من الكاغيط تبيعه بالتقسيط للراغبين في قضاء الحاجة بالقنصلية. قضاء الحاجة «اللي على بالكم» طبعا، لأن الحاجة الأخرى يتطلب قضاؤها ثمنا تحدده كل سفارة بحسب مزاج موظفيها.
ومن بين الألغاز الغامضة التي لم أفلح أبدا في حلها هي لماذا قنصليات المغرب في الخارج وحدها من بين كل قنصليات الدول الأخرى تصر على إعطاء هذه الصورة المشوهة عنا للعالم. مع أن مداخيلها اليومية من «التنبر» تستطيع أن تحولها إلى تحف معمارية تعطي للبلدان التي تستضيفها صورة جميلة عن البلد الذي يحتفل بمرور 1200 سنة على تأسيسه.
فهل رأيتم جالية أخرى في العالم غير الجالية المغربية تشكو من قنصليات بلدها. إن هذا لا يحدث سوى للجالية المغربية.
إن السبب حسب فهمي المتواضع لكل هذه المعاملة غير اللائقة للمغاربة في الخارج، سواء كانوا مقيمين أو حجاجا عابرين، تلخصها كلمة واحدة وهي «الحكرة». فالمغاربة «محكورون» أينما كانوا، سواء داخل الوطن أو خارجه. ومن يعيش بعيدا عن أجمل بلد في العالم تتكفل مصالح وزارة الخارجية بإيصال نصيبه من «الحكرة» حتى باب إقامته بالبريد المضمون، مع إشعار بالتوصل.
وفي كل بلدان العالم التي شهدت حروبا من أجل استرجاع سيادتها على أراضيها، تقوم الدولة بتشييد نصب تذكاري للشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن، بينما تتكفل بضمان عيشة كريمة للأبطال الذين شاركوا في الحرب وخرجوا منها أحياء، أو الذين عادوا من الأسر بعد سنوات طويلة من العذاب.
إلا عندنا في المغرب. فشهداء حرب الصحراء لا يتذكر نساءهم وأبناءهم أحد، وأغلبهن يتقاضين معاشا مخجلا ومهينا عن أزواجهن الشهداء لا يتعدى ألف درهم. أما الجنود الأسرى الذين قضوا سنوات طويلة من التعذيب في معتقلات العدو، فكل ما قدمه لهم وطنهم مقابل مخاطرتهم بأرواحهم من أجله هو استقبالهم في مطار أكادير ببرود بعد أن وزعت عليهم الجزائر «تونيات» رياضية، وجمعهم وتفريقهم على ملاعب كرة القدم بانتظار إيجاد مأوى لهم. وفي الأخير عوض أن يعيشوا ما تبقى لهم من سنوات بكرامة في وطنهم أصبحوا مضطرين للوقوف أمام البرلمان والاحتجاج ضد «الحكرة». وعندما راسل أحد الكولونيلات الملك بخصوص وضعية هؤلاء الأسرى السابقين توبع أمام القضاء بتهمة الكشف عن أسرار عسكرية وإلحاق الضرر بمنشئات عسكرية، وحكم عليه مؤخرا باثنتي عشرة سنة سجنا، دون احترام لسنواته السبعين. وفي الوقت الذي سينتقل هذا الكولونيل ليسكن في السجن لبقية عمره، يضع أحد المسؤولين العسكريين الكبار المشرفين على صفقات اقتناء الأسلحة اللمسات الأخيرة على قصره الفخم الذي شيده أمام أنف مقر مركز المخابرات العسكرية، حيث يشتغل رجال المخابرات الذين لا يبدو أن علامات الثراء هذه التي ظهرت على المسؤول العسكري تزعجهم في شيء.
فهل رأيتم دولة واحدة في العالم يخرج جنودها السابقون الذين تقاتلوا من أجلها ووقعوا في الأسر لسنوات طويلة إلى الشارع للمطالبة بتوفير العلاج والسكن لهم. وهل سمعتم بزوجة شهيد تتقاضى عن زوجها ألف درهم في الشهر. هذا لا يحدث سوى للشهداء والأسرى المغاربة.
عندما نتأمل هذا «الاستثناء المغربي» نخرج بخلاصة واضحة وهي أن كل شيء في المغرب، بما في ذلك حقوقك البسيطة، يجب أن تناضل من أجل الحصول عليها.
كان على سيدي إفني أن تخرج عن بكرة أبيها إلى الشارع لكي تجتمع الحكومة وتضع برنامجا لتنمية المدينة. كان على أبناء صفرو أن يحرقوا الإطارات ومقرات الأمن لكي تفهم الدولة أن هناك مشكلا عميقا في المدينة. عندما تظهر ترقية رجال الأمن نسمع عن احتجاجهم هنا وهناك عوض ابتهاجهم، وعندما تنزل تعيينات الطبيبات المتخصصات يشعرن بالغبن ويشرعن في الاحتجاج أمام الوزارة عوض الإحساس بالسعادة والالتحاق بمقرات عملهن.
وبسبب هذا «الاستثناء المغربي» أصبح على كل من يريد حقه أن يجمع حوله جماعة ويشتري بوقا وبضعة أمتار من الثوب يكتب فوقها مطالبه ويأتي إلى الرباط ليحتج ويصرخ. سيسلخون بعضهم ويرسلون بعضهم إلى السجن، وفي الأخير سيجلسون مع الباقين ليتفاوضوا معهم حول مطالبهم. عوض أن يقوموا بواجبهم من الأول ويعفوا الناس ويعفوا أنفسهم من كل هذا الصداع.
هكذا علمونا وهكذا يريدوننا إلى الأبد.
كيف يمكنك أن تميز المغاربة عن باقي الأجناس الأخرى في الحج. ليس هناك أسهل من ذلك. يكفي أن تبحث عن جماعة تائهة من الحجاج تخلى عنهم مرافقوهم الذين أرسلتهم معهم وزارة أوقافهم وشؤونهم الإسلامية. ففي كل موسم حج يتكرر الفيلم ذاته، حجاج مغاربة يضطرون لطلب «اللجوء الديني» في حافلات الحجاج الفلبينيين والباكستانيين والمصريين بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم إلى عرفات. وحجاج آخرون «تالفين» في منى بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم إلى مكة قبل غروب الشمس حتى لا يذهب حجهم سدى.
هذه السنة وقعت المهزلة نفسها بالنسبة للحجاج المغاربة المسجلين ضمن بعثة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وعوض أن يقف الحجاج المغاربة بجبل عرفات وجدوا أنفسهم مضطرين لتنظيم وقفة احتجاجية بمخيم منى، وشرعوا يكبرون جماعة احتجاجا على الإهمال الذي تعرضوا له من طرف مبعوثي وزارة الأوقاف. فحاصرتهم قوات الأمن السعودية، ولولا الألطاف الإلهية لعادوا إلى المغرب برؤوس «مبرققة» من الضرب وليس برؤوس حليقة ككل الحجاج. فقوات الأمن السعودية لديها قواسم مشتركة كثيرة مع قوات أمننا المغربي.
والغريب في ما يقع لحجاج وزارة الأوقاف المغربية كل سنة في بيت الله الحرام، هو أن حجاج الدرجة الأولى الذين ترسلهم الدولة على حساب أموال دافعي الضرائب لا يعانون من غياب الحافلات التي تقلهم لأداء مناسك الحج كاملة، ولا من مشاكل الإقامة ولا من مشاكل التغذية والتطبيب. فكل هذه الخدمات مضمونة من فئة خمس نجوم. ولعل توفيق حجيرة وزير التعمير الذي ترأس الوفد الرسمي للحج هذه السنة، يستطيع أن يفيدكم أحسن مني في هذا الباب. فمن يحج «بيليكي» على حساب الشعب ليس كمن يتقشف طيلة حياته لكي يوفر مصاريف حجه من عرق جبينه.
والمخجل في الأمر هو أن نرى كيف أن المغاربة مكتوب عليهم، من دون عباد الله جميعا، أن يحتجوا ويصرخوا بالشعارات بسبب الإهمال حتى في بيت الله الحرام.
وعندما تأملت في الموضوع قليلا وجدت أننا نحن المغاربة نشكل حالة استثناء بين سائر الشعوب الأخرى. وسأعطيكم بعض الأمثلة لكي تفهموا أننا، من دون عباد الله، نعاني مع الإدارات والمؤسسات المفروض فيها قضاء شؤوننا وتسهيل أمورنا، وأننا الوحيدون في العالم الذين نحتج في أماكن لم يسبقنا أحد للاحتجاج بها.
عندما نستفسر عن أسباب هذه الوقفة نتفهم ما قام به هؤلاء الحجاج المغاربة. فكل سنة يضيع حج الكثير منهم سدى بسبب غياب الحافلات التي ستقلهم لأداء إحدى أهم الشعائر وهي الوقوف بعرفة، وبعدها مغادرة مكة قبل غروب الشمس. وهكذا يجد العديد من الحجاج أنفسهم مضطرين للمشي تحت شمس تصل درجة حرارتها إلى 46 درجة، وكثير منهم يتوقف منذ الكيلومتر الثاني. والمصيبة أن هؤلاء الحجاج المغاربة المساكين يرون كيف أن حجاجا قادمين من دول صغيرة جدا ومجهولة ولا تحتفل مثل المغرب بمرور 1200 سنة على تأسيسها، تخصص لهم دولهم حافلات منضبطة التوقيت ومرافقين يلتصقون بهم كظلالهم. فيشعر حجاجنا بالخجل من مغربيتهم، ويتمنون لو أنهم حجوا مع جزر القمر أو الواق واق عوض الحج مع وزارة الأوقاف المغربية.
فهل سمعتم بحجاج آخرين غير الحجاج المغاربة نظموا وقفة احتجاجية في منى بسبب غياب حافلات النقل. مع الأسف هذا لا يحدث سوى للحجاج المغاربة.
أما الجالية المغربية المقيمة بالخارج، فأصبحت هي الأخرى تحتج أمام أبواب القنصليات المغربية. وآخر وقفة احتجاجية كانت تلك التي نظمتها الجالية المغربية أمام سفارة المغرب بالدانمارك احتجاجا على ما أسموه الفساد الأخلاقي وتفشي الرشوة وسط موظفي السفارة. ووجه المحتجون أصابع الاتهام إلى المستشار المكلف بالشؤون القنصلية الذي اتهموه بالتحرش بالنساء اللواتي يفدن على القنصلية لقضاء مصالحهن الإدارية.
ويبدو أننا الشعب الوحيد الذي تحتج جاليته أمام أبواب سفاراتها بالخارج احتجاجا على التحرش الجنسي والرشوة. كما أننا الشعب الوحيد الذي لديه قنصليات في الخارج تفعل كل ما بوسعها لتعقيد أمور جاليتها واستنزاف جيوبهم بمصاريف الطوابع البريدية وأثمان تجديد الوثائق المرتفعة.
وعوض أن تعمل وزارة الخارجية المستحيل لإرضاء هذه الجالية التي يصل تعدادها إلى ثلاثة ملايين مهاجر، والتي بفضل تحويلاتها السنوية من العملة الصعبة لازال المغرب واقفا على رجليه، فإن كل ما تقوم به هو إحصاء مداخيلها الشهرية من عائدات «التنابر» التي تبيعها قنصلياتها عبر العالم.
وفي كل مدن العالم حيث توجد قنصليات المغرب لن تعثر على واحدة «تحمر» الوجه للمغاربة في بلدان إقامتهم. فكلها نسخ رديئة لمقاطعات مغربية متسخة، بدون كراسي انتظار ولا مكيفات هواء، أما المراحيض فيغلقونها بالقفل، ولولا أنهم لعنوا الشيطان لكانوا عينوا على باب كل مرحاض امرأة تضع أمامها «رولو» من الكاغيط تبيعه بالتقسيط للراغبين في قضاء الحاجة بالقنصلية. قضاء الحاجة «اللي على بالكم» طبعا، لأن الحاجة الأخرى يتطلب قضاؤها ثمنا تحدده كل سفارة بحسب مزاج موظفيها.
ومن بين الألغاز الغامضة التي لم أفلح أبدا في حلها هي لماذا قنصليات المغرب في الخارج وحدها من بين كل قنصليات الدول الأخرى تصر على إعطاء هذه الصورة المشوهة عنا للعالم. مع أن مداخيلها اليومية من «التنبر» تستطيع أن تحولها إلى تحف معمارية تعطي للبلدان التي تستضيفها صورة جميلة عن البلد الذي يحتفل بمرور 1200 سنة على تأسيسه.
فهل رأيتم جالية أخرى في العالم غير الجالية المغربية تشكو من قنصليات بلدها. إن هذا لا يحدث سوى للجالية المغربية.
إن السبب حسب فهمي المتواضع لكل هذه المعاملة غير اللائقة للمغاربة في الخارج، سواء كانوا مقيمين أو حجاجا عابرين، تلخصها كلمة واحدة وهي «الحكرة». فالمغاربة «محكورون» أينما كانوا، سواء داخل الوطن أو خارجه. ومن يعيش بعيدا عن أجمل بلد في العالم تتكفل مصالح وزارة الخارجية بإيصال نصيبه من «الحكرة» حتى باب إقامته بالبريد المضمون، مع إشعار بالتوصل.
وفي كل بلدان العالم التي شهدت حروبا من أجل استرجاع سيادتها على أراضيها، تقوم الدولة بتشييد نصب تذكاري للشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن، بينما تتكفل بضمان عيشة كريمة للأبطال الذين شاركوا في الحرب وخرجوا منها أحياء، أو الذين عادوا من الأسر بعد سنوات طويلة من العذاب.
إلا عندنا في المغرب. فشهداء حرب الصحراء لا يتذكر نساءهم وأبناءهم أحد، وأغلبهن يتقاضين معاشا مخجلا ومهينا عن أزواجهن الشهداء لا يتعدى ألف درهم. أما الجنود الأسرى الذين قضوا سنوات طويلة من التعذيب في معتقلات العدو، فكل ما قدمه لهم وطنهم مقابل مخاطرتهم بأرواحهم من أجله هو استقبالهم في مطار أكادير ببرود بعد أن وزعت عليهم الجزائر «تونيات» رياضية، وجمعهم وتفريقهم على ملاعب كرة القدم بانتظار إيجاد مأوى لهم. وفي الأخير عوض أن يعيشوا ما تبقى لهم من سنوات بكرامة في وطنهم أصبحوا مضطرين للوقوف أمام البرلمان والاحتجاج ضد «الحكرة». وعندما راسل أحد الكولونيلات الملك بخصوص وضعية هؤلاء الأسرى السابقين توبع أمام القضاء بتهمة الكشف عن أسرار عسكرية وإلحاق الضرر بمنشئات عسكرية، وحكم عليه مؤخرا باثنتي عشرة سنة سجنا، دون احترام لسنواته السبعين. وفي الوقت الذي سينتقل هذا الكولونيل ليسكن في السجن لبقية عمره، يضع أحد المسؤولين العسكريين الكبار المشرفين على صفقات اقتناء الأسلحة اللمسات الأخيرة على قصره الفخم الذي شيده أمام أنف مقر مركز المخابرات العسكرية، حيث يشتغل رجال المخابرات الذين لا يبدو أن علامات الثراء هذه التي ظهرت على المسؤول العسكري تزعجهم في شيء.
فهل رأيتم دولة واحدة في العالم يخرج جنودها السابقون الذين تقاتلوا من أجلها ووقعوا في الأسر لسنوات طويلة إلى الشارع للمطالبة بتوفير العلاج والسكن لهم. وهل سمعتم بزوجة شهيد تتقاضى عن زوجها ألف درهم في الشهر. هذا لا يحدث سوى للشهداء والأسرى المغاربة.
عندما نتأمل هذا «الاستثناء المغربي» نخرج بخلاصة واضحة وهي أن كل شيء في المغرب، بما في ذلك حقوقك البسيطة، يجب أن تناضل من أجل الحصول عليها.
كان على سيدي إفني أن تخرج عن بكرة أبيها إلى الشارع لكي تجتمع الحكومة وتضع برنامجا لتنمية المدينة. كان على أبناء صفرو أن يحرقوا الإطارات ومقرات الأمن لكي تفهم الدولة أن هناك مشكلا عميقا في المدينة. عندما تظهر ترقية رجال الأمن نسمع عن احتجاجهم هنا وهناك عوض ابتهاجهم، وعندما تنزل تعيينات الطبيبات المتخصصات يشعرن بالغبن ويشرعن في الاحتجاج أمام الوزارة عوض الإحساس بالسعادة والالتحاق بمقرات عملهن.
وبسبب هذا «الاستثناء المغربي» أصبح على كل من يريد حقه أن يجمع حوله جماعة ويشتري بوقا وبضعة أمتار من الثوب يكتب فوقها مطالبه ويأتي إلى الرباط ليحتج ويصرخ. سيسلخون بعضهم ويرسلون بعضهم إلى السجن، وفي الأخير سيجلسون مع الباقين ليتفاوضوا معهم حول مطالبهم. عوض أن يقوموا بواجبهم من الأول ويعفوا الناس ويعفوا أنفسهم من كل هذا الصداع.
هكذا علمونا وهكذا يريدوننا إلى الأبد.
تفكيك خلية إرهابية يتزعمها «العشابة»
تمكنت المصالح الأمنية من تفكيك خلية إرهابية جديدة بمدينة بركان. الخبر أكده وزير الداخلية شكيب بن موسى عبر بلاغ صحافي رسمي، أعلن فيه، يوم الجمعة الماضي، عن «تفكيك خلية إرهابية خطيرة ببركان». وقد شملت الاعتقالات أشخاصا آخرين بضواح أخرى للمدينة. وحسب بنموسى، فإن الأمر يتعلق بخلية إرهابية مكونة من 5 أفراد تم اعتقالهم بمدينة بركان، «كانوا يعدون لمهاجمة مؤسسات بنكية لسرقة أموالها ومن ثم الحصول على السلاح». وحسب مصادر مطلعة، فإن هذه الاعتقالات قد تمت منذ أكثر من شهر وشملت «أخ أحد المعتقلين السلفيين الذي يقبع في سجن بني نصار». وأضافت نفس المصادر أنه «إلى حد الآن لا نعرف لماذا تمت هذه الاعتقالات في مدينة بركان وشملت بعضا من شباب المنطقة المعروفين لدى الساكنة والذين يمارسون حرفا بسيطة». في هذا الصدد، أكدت نفس المصادر أن معظم الذين ألقي عليهم القبض من مواليد السبعينيات والثمانينيات وأن أغلبهم يمارسون مهنة «عشاب». في المقابل، لم تكشف وزارة بنموسى عن أي شيء بخصوص مخططات هذه الخلية الإرهابية أو عن مرجعياتها. لكن الأكيد، حسب بعض العارفين، أن هذه الاعتقالات لا تخرج عن تلك التي شملت مدن الناظور، تطوان، تونات، الفنيدق وطنجة. ومن جانبها، أكدت مصادر من مديرية الدراسات والمستندات العسكرية أن حالة «التأهب القصوى» ستستمر إلى حدود نهاية احتفالات رأس السنة.
اِعْتَقِلُوني ولو ليومين
منير باهي
ما الذي يحدث في المغرب؟ ألم يعد فيه مخزن؟
منذ سنوات وأنا أكتب منتقدا أوضاع بلدي بكل جرأة ولو يتم اعتقالي بعد.
منذ سنوات وأنا أهاجم كبار المسؤولين بكل قسوة ولم أتعرض للمساءلة يوما.
فعلت كل ما فعله الآخرون الذين حوكموا ولم يلتفت جهتي أي كوميسير، وكتبت أقسى مما كتب الآخرون الذين سُجنوا وما هددني أحد بالمحاكمة.
هل أنا منحوس إلى هذه الدرجة؟
أريد أن أكون مثل كل المحظوظين الذين سبقوني، أولئك الذين قادتهم الحكومة بسبب مقال إلى المحكمة، أو أولئك الذين قادتهم خفة أقلامهم إلى السجن.
أرجوكم اعتقلوني..
اعتقلوني من أجل الرأي وليس بتهمة أخرى رجاءً
أعرف أنكم لن تختطفوني من بيتي ليلا، لأن حراس الإقامة سيحفظون ملامحكم.
وأعرف أنكم لن تعذبوني بالشيفون والقرعة والطيارة وقطع الأصابع... أوه،لا،لا.. هذا الأمر مقزز وأنتم يا سادة العهد الجديد أرق من أن تتحملوا ذلك.
أريده اعتقالا حضاريا يليق بشعارات المرحلة، ويليق بسمعتكم.
ابعثوا إلي مثلا باستدعاء إلى السنطرال، واستجوبوني حول أفكاري وكتاباتي حتى تشعروني بأهمية ما أكتب...ثم أطلقوا سراحي حتى استدعاء آخر. بعدها سأصرح للصحافة بأني تعرضت للاستفزاز وقد بالغ البوليس في استنطاقي بدون ركل أو صفع طبعا...وعند الاستدعاء الثاني قدِّموني إلى وكيل الملك ثم إلى المحكمة، وسيحكم القاضي علي بحكم خاطئ تهتز لفداحته المنظمات الحقوقية قبل أن يأتي عفو يصحح أخطاء العدالة
أرجوكم افعلوها.
أريد أن أدخل السجن ولو ليومين من أجل آرائي حتى يكون لي كامل الحق في المزايدة.
أريد أن أزايد على الجميع وأتباهى طويلا بأني دفعت حريتي ثمنا لمواقفي ولو ليومين.
أريد ـ ولن أخفي هذا ـ أن أطالب بعد كم سنة بتعويض محترم عن يومين في السجن لأشتري به ما سأعجز عن شرائه.
أريد أن أشعر بما يشعر به أبطال العهد الجديد.
أرجوكم...اعتقلوني.
أكباش الأطلس
محمد الراجي
بعد الهزيمة الكارثية بثلاثة أهداف لصفر ، يستحق "أسود الأطلس" ، أن ننزع عنهم هذا اللقب المهيب ، ونناديهم من الآن فصاعدا ، ب"أكباش الأطلس" ، لأنهم قالوا بااااع ، بصوت مرتفع ، في أيام عيد الأضحى ، أمام المنتخب الليبي !
في الحقيقة ، لا أعرف ماذا تبقى للمغاربة أن يفرحوا به بعدما التحقت الرياضة بالسياسة ، وأصبحت بدورها لا تأتي منها إلا الأخبار السيئة .
هزيمة مدوية بثلاثة أهداف لصفر ، أمام منتخب ليبي مغمور ، تستحق أن نعلنها أياما وطنية للحداد . ولكن إلى متى سيظل المغاربة يتلقون هذه الكوارث التي يتسبب فيها القائمون على الشأن الرياضي ، دون أن يظهر في الأفق أي أمل لتوقيفها .
لقد شرب المغاربة كثيرا من كأس المرارة إبان الألعاب الأولمبية الأخيرة ، حيث عاد الرياضيون المغاربة المشاركون في منافسات بكين بما يشبه خفي حنين ، بعدما أبادوا رفقة الوفد المرافق لهم أموالا طائلة خرجت من جيوب المواطنين.
وعندما نسي الجميع تقريبا هذه الكارثة ، ها نحن نجد أنفسنا أمام كارثة جديدة : إقصاء المنتخب المغربي للاعبين المحليين من آخر مرحلة من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي ستقام السنة المقبلة في ساحل العاج أمام المنتخب الليبي ، وبثلاثة أهداف لصفر من فضلكم ! هل هناك كارثة رياضية أكبر من هذه ؟
للإشارة فقط ، فهذه الكارثة جاءت مباشرة بعد الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة ، والتي وصفها الكثيرون ، أي الرسالة الملكية ، ب"الصارمة والصادمة" .
لكن يظهر واضحا أن حتى كلام الملك بنفسه لم يعد "مسموعا" من طرف المتحكمين في شؤون الرياضة ببلدنا ، فأحرى أن يسمعوا صرخات الشعب .
أفلا يحق للمغاربة أن يعيشوا لحظة فرح واحدة ، عن طريق الرياضة ، في هذا الزمن المليء بالغم والهم ؟ أم أن الحزن قدر مقدر علينا من السماء ؟
كارثة إقصاء منتخب المحليين تستحق أن يعقد من أجلها البرلمان جلسة خاصة وطارئة ، لمحاسبة كل هؤلاء الذين أفسدوا علينا فرحة العيد .
لكن هؤلاء مع الأسف بعيدون عن أية مساءلة أو محاسبة ، لأن البرلمان لا يملك ما يكفي من الشجاعة لمساءلتهم .
اللاعبون مسؤولون ، والمدرب مسؤول ، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجامعة التي يسيرها العسكر ، وكأننا في بلد خرج لتوه من انقلاب عسكري وليس في بلد مدني .
هؤلاء يجب أن تتم إقالتهم على الفور ، لأن الكوارث التي يتسببون فيها أصبحت كتيار لا ينقطع . لكن من سيقيلهم ؟ ربما يتوجب علينا أن ننتظر من عزرائيل أن يقوم بهذه المهمة ! فيظهر أنه الوحيد القادر عليها .
الاثنين، 15 ديسمبر 2008
بوش يعلق مازحًا على حادث قذفه بحذاء في بغداد: قياسه كان 44
كابول - أ ف ب
علق الرئيس جورج بوش الذي وصل الإثنين 15-12-2008 إلى أفغانستان بروح الفكاهة على الحادث الذي تعرض له في بغداد حين رشقه صحافي عراقي بحذاء أبدى الرئيس الأمريكي خفة وسرعة بديهة في تفاديه، واصفا هذا الحادث بأنه "الأكثر غرابة" خلال عهده الرئاسي.
والحادث الذي حصل خلال مؤتمر صحافي في بغداد والذي يبدو ملفتا بل مذهلا لاعتبار بوش من الأشخاص الذين يحظون بأفضل حماية في تاريخ البشرية، يكشف عن عداء حياله ما زال قائمًا بعد أكثر من خمس سنوات على اجتياح العراق وإطاحة الرئيس صدام حسين.
وقال بوش ممازحًا "لا أعرف ما قاله الرجل، لكنني رأيت حذاءه".
والحذاء لصحافي في قناة "البغدادية" العراقية يدعى منتظر الزيدي، قاطع بشكل مفاجئ مساء الأحد مؤتمرًا صحافيًّا مشتركًا للرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
وصاح الصحافي وهو يرمي حذاءيه الواحد تلو الآخر على بوش "هذه قبلة الوداع يا كلب".
وانحنى بوش وتجنب الحذاء الأول الذي مر قرب رأسه وأصاب العلمين الأمريكي والعراقي المرفوعين خلف المسؤولين، ولم يتسن للصحافي تصويب الحذاء الثاني بدقة.
وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم مشاهد الحادث.
ويذكر بهذا الصدد أن العراقيين ضربوا بالأحذية تمثال صدام حسين وصوره عند إطاحته عام 2003.
وقال بوش هازئا "هذا لا يزعجني، إن أردتم وقائع، فسأقول لكم إن قياس الحذاء كان 44"، مقللا بمزاحه من أهمية الحادث.
وأضاف "لا أدري أية قضية كان يدافع عنها، لكنني لم أشعر بأي خطر".
وغادر الرئيس الأمريكي بعدها إلى أفغانستان وأكد للصحافيين الذي رافقوه في الطائرة أن الحادث ذكره بحادث قاطعت فيه متظاهرة من حركة فالوغونغ المقموعة في الصين حفل استقبال الرئيس الصيني هو جينتاو أمام البيت الأبيض.
وقال "كانت مجرد لحظة غريبة، وقد عرفت لحظات غريبة أخرى خلال عهدي الرئاسي، أذكر حين كان هو جينتاو هنا (..) كان يتكلم وفجأة سمعت جلبة، لم يكن لدي أية فكرة عما كان يجري، لكنني رأيت تلك المرأة من فالونغونغ تصيح بأعلى صوتها، كانت لحظة غريبة".
وحين شارك بوش بعيد وصوله إلى كابول صباح الإثنين في مؤتمر صحافي مع نظيره حميد كرزاي كان الصحافيون يتساءلون إن كان حذاء آخر سيتطاير في اتجاهه.
غير أن الحادث لم يتكرر رغم محاولات صحافي أفغاني لتحريض أحد زملائه من العاملين في التلفزيون بالقول "لماذا لا تقدم على ذلك الآن؟ هيا".
ولم يكن العديد من الصحافيين الحاضرين على علم حتى بالحادث الذي وقع قبل ساعات قليلة.
وإن كانت الإجراءات الأمنية صارمة كالعادة قبل الدخول إلى القصر الرئاسي لحضور المؤتمر الصحافي، إلا أن الأحذية لم تكن موضع ترتيبات خاصة.
وفي هذه الأثناء، طالبت قناة "البغدادية" التي تبث برامجها من مصر السلطات العراقية بإطلاق سراح مراسلها منتظر الزيدي "تماشيا مع الديمقراطية وحرية التعبير التي وعد العهد الجديد والسلطات الأمريكية العراقيين بها".
ونفى بوش -الذي لطالما دافع عن صوابه لاجتياح العراق عام 2003 رغم سقوط عشرات آلاف القتلى من العراقيين في المعارك وانتشار الاعتداءات وأعمال العنف الطائفية- أن يكون الزيدي يمثل الشعب العراقي.
الحشيش المغربي يبايع فريق «البارصا»
جمال وهبي
لم تعد علامة فريق برشلونة لكرة القدم خاصة بالرياضيين فقط. فقد ضبطت مصالح مكافحة المخدرات الإسبانية يوم أمس شحنة مغربية من المخدرات تحمل كل لوحة مخدرات من فئة 100 غرام منها طابع ورمز فريق برشلونة لكرة القدم. ووفق مصادر أمنية إسبانية، فإن شحنة الـ426 كيلوغراما التي تم ضبطها قدمت من المغرب قبل أن تتفرق على أربعة مرائب في منطقة ثيردايونا ديل فاييس.
وأضافت المصادر ذاتها أن المخدرات كانت تحمل كذلك عبارة «تعيش البارصا». وتم خلال العملية اعتقال أربعة مغاربة تتراوح أعمارهم ما بين 20 و31 سنة، بالإضافة إلى شاب إسباني آخر. وتشير المصادر الأمنية إلى أن المخدرات التي تم حجزها هي جزء من شحنات كبيرة قادمة من المغرب في طريقها إلى دول أوربية أخرى، تم توزيع جزء منها بإسبانيا.
وتمت عملية تفكيك الشبكة المغربية الإسبانية بعد تحقيق انطلق منذ بداية الشهر الماضي، حينما اشتبهت العناصر الأمنية الإسبانية في مجموعة من المغاربة من الذين يتعاطون لبيع السيارات المسروقة، حيث قادت التحريات بعدها إلى وجود علاقة بين هؤلاء وبين شبكة تهريب المخدرات. ووفقا للشرطة الإسبانية، فإن رئيس الشبكة كان يسافر باستمرار إلى مدينة ألميرية وإشبيلية وقادس لنقل الحشيش المغربي إلى كاطالونيا على متن سيارات مسروقة في أغلبها، تحمل لوحات ترقيم مزيفة.
الغثاء
رشيد نيني
تناقلت كل تلفزيونات العالم تلك الأمواج البشرية العاتية التي كانت تطوف بين الصفا والمروى وحول الكعبة خلال موسم الحج الأخير. وصرحت السلطات السعودية بأن عدد حجاج بيت الله لهذه السنة حطم كل التوقعات، واقترب من سقف الثلاثة ملايين حاج.
وفي إحصاء صدر خلال هذه السنة، أعلنت كنيسة الفاتكيان أن المسلمين تفوقوا ولأول مرة في التاريخ عدديا على المسيحيين الكاثوليكيين، مرجعة سبب هذا التفوق إلى ارتفاع نسبة المواليد عند المسلمين. وبفضل هذا «النشاط» الجنسي الذي نساهم به نحن المسلمين في تكثير «سواد» الأمة وصل عددنا إلى مليار مسلم فاصلة ثلاثة على وجه الكرة الأرضية.
لا أعرف لماذا عندما سمعت نتيجة هذا الإحصاء وخبر هذا «التفوق» العددي على أصحاب الكتب السماوية الأخرى من يهود ونصارى، ورأيت أمواج الحجاج المتلاطمة بملايين أثواب الإحرام حول بيت الله الحرام، تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال للصحابة مستشرفا حال أمته بعد موته بقرون طويلة «ستداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. قالوا «أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله» قال «بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا «وما الوهن يا رسول الله» قال «حب الدنيا وكراهية الموت».
هذا الحديث الشريف ينطبق حرفيا على حال الأمة الإسلامية اليوم. فنحن والحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، كثيرو العدد ونتكاثر مثل الجراد. وفي الجزيرة العربية، حيث ظهر الإسلام غريبا أول مرة، يوجد أحد أهم مصادر الطاقة في العالم. وفي ظرف الثلاثين سنة الأخيرة تحول الحفاة العراة رعاء الشاة إلى أثرياء يتطاولون في البنيان. وأصبحت الجزيرة العربية القاحلة الجرداء التي كانت تذرعها قوافل النوق والجمال، حدائق غناء تتوسطها الأبراج العائمة التي يخترق طولها عنان السماء. وبعدما كانت قبائل العربان تمتطي الخيول والمهور سعيا وراء الظباء والغزلان لصيدها والعيش على لحومها، أصبحت العربان اليوم تذرع رمال الصحراء ممتطية سيارات «الهامر» أمريكية الصنع بحثا بأجهزة «الجي بي إس» كورية الصنع عن طيور الحبار للتسلي بصيدها.
ورغم توفر كل هذه الثروات في جزيرة العرب، ورغم تحكمهم في أسهم البورصات العالمية بفضل إنتاج النفط، فإنهم عاجزون حتى عن إنتاج المواد الغذائية التي يقتاتون عليها. وبفضل أموال النفط صاروا عاجزين حتى عن العمل. وفي قطر وحدها يوجد بفضل عائدات الغاز الطبيعي ثلاثة أجانب في خدمة كل مواطن قطري.
وفي الجزائر، أول مصدر للغاز الطبيعي في العالم، لا يمكن أن تعثر على شاب واحد لا يفكر في مغادرة الجزائر نحو أوربا. الجزائر التي عندما تراكمت الأموال على خزائن الدولة بفضل عائدات صادراتها من الغاز لم تجد شيئا آخر تستثمر فيه هذه المليارات من الدولارات سوى تسديد ديونها كاملة للبنك الدولي. مع أن أغنى الدول في العالم لم تفكر يوما في تسديد ديونها كاملة لهذا البنك رغم توفرها على أضعاف أضعاف السيولة التي اجتمعت للجزائر من أموال الغاز.
أما ليبيا التي تصدر النفط ويوزع قائدها المفدى جزءا من عائداته على المواطنين الليبيين «كاش» أمام أبواب بيوتهم مثل الصدقات، فلازالت تفتقر إلى البنيات التحتية الأساسية للدولة الحديثة. فلا رئيس آخر غير قائد الثورة، ولا كتاب آخر غير الكتاب الأخضر. حتى أن فكرة تدريس اللغات الأجنبية لم تشرق في ذهن فخامة الرئيس سوى العام الماضي. وفي الوقت الذي يقذف فيه المعارضون رؤساءهم بالطرطة على وجوههم، لازال قائد الجماهيرية الأوحد يرسل أمام القضاء وزراءه لمجرد أن أحدهم قاطع فخامته وأخذ الثاني «راحته» معه في الحديث أمام الملأ.
ورغم كل هذه الثروات الكبيرة التي حبانا الله بها في هذا العالم الإسلامي، ورغم هذه الثروة البشرية التي تجاوزت المليار مسلم، لازلنا نفر من بلداننا الإسلامية كما تفر النوق من الجمل الأجرب. والمغرب وحده صدر إلى الآن ثلاثة ملايين من مواطنيه إلى مختلف بلدان العالم. وهكذا نرى أننا لم نعد خير أمة أخرجت للناس وإنما أصبحنا خير أمة أخرجت من بيوتها نحو بلدان الناس.
وعلى ماذا تبحث كل تلك المئات من الملايين الهاربة من بلدانها الإسلامية نحو بلدان النصارى واليهود. إنها تبحث عن الخبز والكرامة والأمن، أشياء عزت في بلداننا الإسلامية التي أمر دينها حكامها بتكريم الإنسان وإطعامه من جوع وتأمينه من خوف.
لذلك فلا غرابة أن يستخلص التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية، ومعه تقارير كل المنظمات الإنسانية، أن الدول العربية الإسلامية هي أكثر الدول احتقارا لإنسانية مواطنيها وأكثرها اعتداء على كرامتهم.
وهكذا فالذين ظهر فيهم دين الرحمة أصبحوا هم أصحاب أكثر القلوب قسوة في العالم. والذين ظهر فيهم نبي السلام أصبحوا هم أكثر الشعوب نزوعا نحو التقاتل ونهش بعضهم البعض. وأصبحت أمة «اقرأ» هي أمة «ما أنا بقارئ». فبينما يقرأ كتاب واحد 500 بريطاني، يقرأ في العالم العربي الكتاب الواحد حوالي 12 ألف عربي. وخلال 35 عاما الأخيرة من حكم هؤلاء الملوك والرؤساء الخالدين في العالم الإسلامي، ارتفع عدد الأميين في أمة «اقرأ» من 50 إلى 70 مليونا.
وفي الوقت الذي ترفض فيه بعض الدول الإسلامية الترخيص للبنوك التي لا تتعامل بالربا، نرى كيف أن فرنسا وإنجلترا ودول علمانية أخرى بدأت تقرر شعبا متخصصة في جامعات اقتصادها في الاقتصاد الإسلامي. ومنها من بدأ بالترخيص لهذه البنوك بالعمل. أكثر من ذلك، هناك من اقتنع أن النظام البنكي الإسلامي هو الحل للجم الرأسمال الجشع.
وفي الوقت الذي تراجع فيه دول علمانية كثيرة أفكارها ومواقفها حول الدين بعد ثلاثة قرون من العلمانية، وتعرض قناة «آرتي» الفرنسية الألمانية هذه الأيام سلسلة برامج حول موضوع «عودة الله» إلى حياة الأوربيين، وتخصص مجلة Le Magazine littéraire الفرنسية غلافها الأخير لملف عنوانه «ماذا يقول لنا الصوفية»، نجد في بلداننا الإسلامية من يدعو إلى تقليد النموذج الأوربي في التفكير والعيش بعيدا عن الدين.
وحتى سيرة عمر رضي الله عنه والخلفاء الراشدين الذين عرف عنهم الزهد والتقشف والحرص على أموال المسلمين لم يعد يستلهم منها الزعماء والملوك العرب الدروس والعبر. بل أصبحت ملكة مسيحية بريطانية كالملكة إليزابيث تعطي لحكام المسلمين الدروس في التقشف. فقد ظهرت الملكة إليزابيث، المنحدرة من أعرق ملكية في العالم، في زيارتها الأخيرة لأوكسفورد، إحدى أعرق الجامعات في العالم أيضا، خلال الأسبوع الماضي بنفس المعطف الأحمر الذي ارتدته في إحدى الحفلات الرسمية التي نظمت في إحدى الأكاديميات سنة 2005. وقبل شهر من ذلك ارتدت الملكة البريطانية خلال حفل خاص حضرته في سلوفينيا فستانا يرجع تاريخ اقتنائه إلى عشرين سنة. ولم تكتف الملكة بهذه الإشارات المتقشفة، بل دعت جميع أفراد أسرتها إلى الاقتداء بها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تجتازها البلاد. وهكذا قام زوجها دوق أدنبرة بإعادة تفصيل سروال يعود تاريخ شرائه إلى سنة 1957، كما أن الأميرين وليام وهاري قلصا من خرجاتهما إلى العلب الليلية.
وحرصا على مشاعر الفرنسيين عمدت صحيفة «لوفيغارو» إلى اللجوء إلى الماكنطوش لمحو خاتم ثمين من الماس من أصبع وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي حتى لا تصدم الجريدة قراءها الفرنسيين الذين يئنون تحت ثقل الأزمة بصورة الخاتم الثمين في أصبع حارسة الأختام التي تنحدر من دماء عربية.
فهل هناك في كل هذه الأمة الإسلامية التي أوصاها الله بالتكافل والتآزر والإيثار زعماء ووزراء ومسؤولون يفكرون في مشاعر مواطنيهم ويضربون حسابا لعواطفهم وأحاسيسهم بهذا الشكل الذي نجده عند النصارى واليهود اليوم.
وهذا الأسبوع فقط أعطت الحكومة الإسرائيلية درسا عميقا في الشفافية لزعماء العالم الإسلامي لن ينسوه في حياتهم. فقد قررت الحكومة الإسرائيلية عرض الهدايا التي تلقتها من الزعماء والملوك والسلاطين والأمراء العرب للبيع في مزاد علني، وتخصيص عائداتها لخزينة الدولة.
وحتى لا تفضح الحكومة الإسرائيلية هؤلاء الزعماء العرب فقد كانت رحيمة بهم وغطت أسماءهم المنقوشة على هداياهم التي تنوعت بين الأحجار الكريمة والساعات الذهبية والخناجر والسيوف المرصعة بالماس والجواهر. ولذلك فلا يجب أن ننخدع بمنظر بعضهم وهم يلوحون في وجه إسرائيل بخناجرهم وسيوفهم الخشبية في المؤتمرات والقمم، فالخناجر والسيوف الحقيقية التي يشهرها هؤلاء الزعماء في وجه إسرائيل هي تلك التي عرضوها للبيع في المزاد العلني.
والغريب في أمر هذا الكرم العربي أنه موجه في غالبه إلى رئيس المخابرات الإسرائيلية «الموساد» مئير داجان. ربما لجهوده الجبارة في ضمان الأمن والحماية لبعض هؤلاء الزعماء داخل بلدانهم وعندما يسافرون خارجها. فهؤلاء الزعماء الخائفون على أرواحهم ليسوا مثل عمر بن الخطاب الذي وجده مبعوث الروم نائما تحت ظل النخلة، فنظر إليه وقال له «عدلت فنمت يا عمر».
فهؤلاء الزعماء أصحاب الهدايا يعرفون أنه بينهم وبين العدل مع شعوبهم ما بين الأرض والسماء، ولذلك فهم محتاجون إلى حماية الأجنبي، حتى ولو كان عدوا.
ألسنا بعد هذا كله غثاء كغثاء السيل. بلى، قالها الصادق الأمين وصدق.
تناقلت كل تلفزيونات العالم تلك الأمواج البشرية العاتية التي كانت تطوف بين الصفا والمروى وحول الكعبة خلال موسم الحج الأخير. وصرحت السلطات السعودية بأن عدد حجاج بيت الله لهذه السنة حطم كل التوقعات، واقترب من سقف الثلاثة ملايين حاج.
وفي إحصاء صدر خلال هذه السنة، أعلنت كنيسة الفاتكيان أن المسلمين تفوقوا ولأول مرة في التاريخ عدديا على المسيحيين الكاثوليكيين، مرجعة سبب هذا التفوق إلى ارتفاع نسبة المواليد عند المسلمين. وبفضل هذا «النشاط» الجنسي الذي نساهم به نحن المسلمين في تكثير «سواد» الأمة وصل عددنا إلى مليار مسلم فاصلة ثلاثة على وجه الكرة الأرضية.
لا أعرف لماذا عندما سمعت نتيجة هذا الإحصاء وخبر هذا «التفوق» العددي على أصحاب الكتب السماوية الأخرى من يهود ونصارى، ورأيت أمواج الحجاج المتلاطمة بملايين أثواب الإحرام حول بيت الله الحرام، تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال للصحابة مستشرفا حال أمته بعد موته بقرون طويلة «ستداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. قالوا «أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله» قال «بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا «وما الوهن يا رسول الله» قال «حب الدنيا وكراهية الموت».
هذا الحديث الشريف ينطبق حرفيا على حال الأمة الإسلامية اليوم. فنحن والحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، كثيرو العدد ونتكاثر مثل الجراد. وفي الجزيرة العربية، حيث ظهر الإسلام غريبا أول مرة، يوجد أحد أهم مصادر الطاقة في العالم. وفي ظرف الثلاثين سنة الأخيرة تحول الحفاة العراة رعاء الشاة إلى أثرياء يتطاولون في البنيان. وأصبحت الجزيرة العربية القاحلة الجرداء التي كانت تذرعها قوافل النوق والجمال، حدائق غناء تتوسطها الأبراج العائمة التي يخترق طولها عنان السماء. وبعدما كانت قبائل العربان تمتطي الخيول والمهور سعيا وراء الظباء والغزلان لصيدها والعيش على لحومها، أصبحت العربان اليوم تذرع رمال الصحراء ممتطية سيارات «الهامر» أمريكية الصنع بحثا بأجهزة «الجي بي إس» كورية الصنع عن طيور الحبار للتسلي بصيدها.
ورغم توفر كل هذه الثروات في جزيرة العرب، ورغم تحكمهم في أسهم البورصات العالمية بفضل إنتاج النفط، فإنهم عاجزون حتى عن إنتاج المواد الغذائية التي يقتاتون عليها. وبفضل أموال النفط صاروا عاجزين حتى عن العمل. وفي قطر وحدها يوجد بفضل عائدات الغاز الطبيعي ثلاثة أجانب في خدمة كل مواطن قطري.
وفي الجزائر، أول مصدر للغاز الطبيعي في العالم، لا يمكن أن تعثر على شاب واحد لا يفكر في مغادرة الجزائر نحو أوربا. الجزائر التي عندما تراكمت الأموال على خزائن الدولة بفضل عائدات صادراتها من الغاز لم تجد شيئا آخر تستثمر فيه هذه المليارات من الدولارات سوى تسديد ديونها كاملة للبنك الدولي. مع أن أغنى الدول في العالم لم تفكر يوما في تسديد ديونها كاملة لهذا البنك رغم توفرها على أضعاف أضعاف السيولة التي اجتمعت للجزائر من أموال الغاز.
أما ليبيا التي تصدر النفط ويوزع قائدها المفدى جزءا من عائداته على المواطنين الليبيين «كاش» أمام أبواب بيوتهم مثل الصدقات، فلازالت تفتقر إلى البنيات التحتية الأساسية للدولة الحديثة. فلا رئيس آخر غير قائد الثورة، ولا كتاب آخر غير الكتاب الأخضر. حتى أن فكرة تدريس اللغات الأجنبية لم تشرق في ذهن فخامة الرئيس سوى العام الماضي. وفي الوقت الذي يقذف فيه المعارضون رؤساءهم بالطرطة على وجوههم، لازال قائد الجماهيرية الأوحد يرسل أمام القضاء وزراءه لمجرد أن أحدهم قاطع فخامته وأخذ الثاني «راحته» معه في الحديث أمام الملأ.
ورغم كل هذه الثروات الكبيرة التي حبانا الله بها في هذا العالم الإسلامي، ورغم هذه الثروة البشرية التي تجاوزت المليار مسلم، لازلنا نفر من بلداننا الإسلامية كما تفر النوق من الجمل الأجرب. والمغرب وحده صدر إلى الآن ثلاثة ملايين من مواطنيه إلى مختلف بلدان العالم. وهكذا نرى أننا لم نعد خير أمة أخرجت للناس وإنما أصبحنا خير أمة أخرجت من بيوتها نحو بلدان الناس.
وعلى ماذا تبحث كل تلك المئات من الملايين الهاربة من بلدانها الإسلامية نحو بلدان النصارى واليهود. إنها تبحث عن الخبز والكرامة والأمن، أشياء عزت في بلداننا الإسلامية التي أمر دينها حكامها بتكريم الإنسان وإطعامه من جوع وتأمينه من خوف.
لذلك فلا غرابة أن يستخلص التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية، ومعه تقارير كل المنظمات الإنسانية، أن الدول العربية الإسلامية هي أكثر الدول احتقارا لإنسانية مواطنيها وأكثرها اعتداء على كرامتهم.
وهكذا فالذين ظهر فيهم دين الرحمة أصبحوا هم أصحاب أكثر القلوب قسوة في العالم. والذين ظهر فيهم نبي السلام أصبحوا هم أكثر الشعوب نزوعا نحو التقاتل ونهش بعضهم البعض. وأصبحت أمة «اقرأ» هي أمة «ما أنا بقارئ». فبينما يقرأ كتاب واحد 500 بريطاني، يقرأ في العالم العربي الكتاب الواحد حوالي 12 ألف عربي. وخلال 35 عاما الأخيرة من حكم هؤلاء الملوك والرؤساء الخالدين في العالم الإسلامي، ارتفع عدد الأميين في أمة «اقرأ» من 50 إلى 70 مليونا.
وفي الوقت الذي ترفض فيه بعض الدول الإسلامية الترخيص للبنوك التي لا تتعامل بالربا، نرى كيف أن فرنسا وإنجلترا ودول علمانية أخرى بدأت تقرر شعبا متخصصة في جامعات اقتصادها في الاقتصاد الإسلامي. ومنها من بدأ بالترخيص لهذه البنوك بالعمل. أكثر من ذلك، هناك من اقتنع أن النظام البنكي الإسلامي هو الحل للجم الرأسمال الجشع.
وفي الوقت الذي تراجع فيه دول علمانية كثيرة أفكارها ومواقفها حول الدين بعد ثلاثة قرون من العلمانية، وتعرض قناة «آرتي» الفرنسية الألمانية هذه الأيام سلسلة برامج حول موضوع «عودة الله» إلى حياة الأوربيين، وتخصص مجلة Le Magazine littéraire الفرنسية غلافها الأخير لملف عنوانه «ماذا يقول لنا الصوفية»، نجد في بلداننا الإسلامية من يدعو إلى تقليد النموذج الأوربي في التفكير والعيش بعيدا عن الدين.
وحتى سيرة عمر رضي الله عنه والخلفاء الراشدين الذين عرف عنهم الزهد والتقشف والحرص على أموال المسلمين لم يعد يستلهم منها الزعماء والملوك العرب الدروس والعبر. بل أصبحت ملكة مسيحية بريطانية كالملكة إليزابيث تعطي لحكام المسلمين الدروس في التقشف. فقد ظهرت الملكة إليزابيث، المنحدرة من أعرق ملكية في العالم، في زيارتها الأخيرة لأوكسفورد، إحدى أعرق الجامعات في العالم أيضا، خلال الأسبوع الماضي بنفس المعطف الأحمر الذي ارتدته في إحدى الحفلات الرسمية التي نظمت في إحدى الأكاديميات سنة 2005. وقبل شهر من ذلك ارتدت الملكة البريطانية خلال حفل خاص حضرته في سلوفينيا فستانا يرجع تاريخ اقتنائه إلى عشرين سنة. ولم تكتف الملكة بهذه الإشارات المتقشفة، بل دعت جميع أفراد أسرتها إلى الاقتداء بها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تجتازها البلاد. وهكذا قام زوجها دوق أدنبرة بإعادة تفصيل سروال يعود تاريخ شرائه إلى سنة 1957، كما أن الأميرين وليام وهاري قلصا من خرجاتهما إلى العلب الليلية.
وحرصا على مشاعر الفرنسيين عمدت صحيفة «لوفيغارو» إلى اللجوء إلى الماكنطوش لمحو خاتم ثمين من الماس من أصبع وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي حتى لا تصدم الجريدة قراءها الفرنسيين الذين يئنون تحت ثقل الأزمة بصورة الخاتم الثمين في أصبع حارسة الأختام التي تنحدر من دماء عربية.
فهل هناك في كل هذه الأمة الإسلامية التي أوصاها الله بالتكافل والتآزر والإيثار زعماء ووزراء ومسؤولون يفكرون في مشاعر مواطنيهم ويضربون حسابا لعواطفهم وأحاسيسهم بهذا الشكل الذي نجده عند النصارى واليهود اليوم.
وهذا الأسبوع فقط أعطت الحكومة الإسرائيلية درسا عميقا في الشفافية لزعماء العالم الإسلامي لن ينسوه في حياتهم. فقد قررت الحكومة الإسرائيلية عرض الهدايا التي تلقتها من الزعماء والملوك والسلاطين والأمراء العرب للبيع في مزاد علني، وتخصيص عائداتها لخزينة الدولة.
وحتى لا تفضح الحكومة الإسرائيلية هؤلاء الزعماء العرب فقد كانت رحيمة بهم وغطت أسماءهم المنقوشة على هداياهم التي تنوعت بين الأحجار الكريمة والساعات الذهبية والخناجر والسيوف المرصعة بالماس والجواهر. ولذلك فلا يجب أن ننخدع بمنظر بعضهم وهم يلوحون في وجه إسرائيل بخناجرهم وسيوفهم الخشبية في المؤتمرات والقمم، فالخناجر والسيوف الحقيقية التي يشهرها هؤلاء الزعماء في وجه إسرائيل هي تلك التي عرضوها للبيع في المزاد العلني.
والغريب في أمر هذا الكرم العربي أنه موجه في غالبه إلى رئيس المخابرات الإسرائيلية «الموساد» مئير داجان. ربما لجهوده الجبارة في ضمان الأمن والحماية لبعض هؤلاء الزعماء داخل بلدانهم وعندما يسافرون خارجها. فهؤلاء الزعماء الخائفون على أرواحهم ليسوا مثل عمر بن الخطاب الذي وجده مبعوث الروم نائما تحت ظل النخلة، فنظر إليه وقال له «عدلت فنمت يا عمر».
فهؤلاء الزعماء أصحاب الهدايا يعرفون أنه بينهم وبين العدل مع شعوبهم ما بين الأرض والسماء، ولذلك فهم محتاجون إلى حماية الأجنبي، حتى ولو كان عدوا.
ألسنا بعد هذا كله غثاء كغثاء السيل. بلى، قالها الصادق الأمين وصدق.
مخازنية لعنيكري يعودون إلى شوارع المدن في حلة جديدة
مصطفى الفن
اختار حميدو لعنيكري، المفتش العام للقوات المساعدة، أن تكون الدار البيضاء هي محطة الانطلاقة الأولى لتنزيل مشروعه الخاص بنشر رجاله على مختلف المقاطعات الإدارية لعمالات وأقاليم المملكة في شكل وحدات، كل وحدة متكونة من 10 أفراد مجهزين بمسدسات من نوع «بريطا» وأصفاد وهراوات تحمل لقب «طونفا» من صنع ياباني، سيجوبون شوارع المدينة على متن سيارات «اسطافيت» من نوع رونو للتصدي لأحداث الشغب والسرقة ومحاربة كل أنواع الجريمة والمحافظة على الأمن العمومي ... قبل أن يعمم هذا المشروع، الذي حظي بموافقة الملك محمد السادس في بداية هذه السنة على باقي المدن المغربية في أفق 2012.
وحل أمس ضباط كبار من فريق لعنيكري بمدينة الدار البيضاء، بينهم الكولونيل بوخرطة الذي يرأس مصلحة العتاد بالقوات المساعدة والكومندان ميتوت المسؤول عن الموارد البشرية، وقاموا بجولات، رفقة مسؤولين أمنيين من الشؤون العامة، حول مختلف المقاطعات الإدارية التابعة لعمالات المدينة لتفقد الفضاءات المخصصة لهذه الوحدات من القوات المساعدة قبل الشروع قريبا في مهامها.
ونفى مصدر من الإدارة العامة للقوات المساعدة أن تكون لهذه الوحدات الصفة الضبطية وتقديم المتهمين إلى النيابة العامة كما راج في وقت سابق، لكنه في المقابل يؤكد أن هذه الإمكانية واردة في الجنح الصغيرة لا في القضايا الكبرى في حالة ما إذا قرر قائد المقاطعة، الذي تشتغل هذه الوحدات تحت سلطته، استخدام هذا الحق الذي يخوله له القانون، مشيرا في هذا السياق إلى أن القضايا الكبرى تحتاج إلى إمكانيات ووسائل عمل لا تتوفر عليها مصالح القوات المساعدة ولا حتى مصالح المقاطعة.
وقبل نشر هذه الوحدات من القوات المساعدة في شوارع الدار البيضاء، خضع أصحابها لتداريب مكثفة، منذ شتنبر المنصرم، عبر 4 أفواج بمدرسة تكوين أطر القوات المساعدة الموجودة بابن سليمان على أيدي ضباط سامين من الإدارة العامة في الرباط حول كيفية استعمال السلاح وكيفية التعامل مع الأحداث المخلة بالأمن أو أثناء التدخل لتفريق التجمعات غير القانونية. وذكر مصدرنا أن هذا التدريب الذي خضع له رجال القوات المساعدة تضمن عدة حصص حول تقنيات استخدام هراوة «الطونفا» خاصة وأن هذه الهراوة تحتاج إلى تقنيات قبل استعمالها لأنها تتكون من مواد خاصة تقيها من الكسر ويبلغ طولها 60 سنتمترا، أما وزنها فيقارب كيلوغراما.
وكان حميدو لعنيكري، مباشرة بعد تعيينه على رأس الإدارة العامة للقوات المساعدة قبل سنتين، قام بإرسال ضباط سامين إلى عدة دول في الخارج، من بينها أمريكا، من أجل إعداد مشروعه حول ضرورة إعادة هيكلة القوات المساعدة في ظل الفراغ الأمني وتزايد وتيرة الجريمة في المدن المغربية. وهو المشروع الذي وافق عليه الملك محمد السادس أثناء زيارته لطنجة مع بداية 2008.
تهريب الأموال المغربية نحو الجنوب الإسباني
عبد الله الدامون
ليست الطيور والأسماك والمهاجرون السريون والشرعيون وحدهم الذين يتنقلون ما بين ضفتي مضيق جبل طارق، بل هناك أيضا الكثير من الأموال التي تطير فوق هذا المضيق باستمرار. وحسب المعلومات التي تكشف عنها السلطات الإسبانية، فإن العبور السري لمضيق جبل طارق لا يقتصر على المهاجرين السريين والمخدرات فحسب، بل هناك كميات هائلة من الأموال الملوثة تعبر المنطقة أيضا في اتجاه الضفتين. وعلى الرغم من عدم وجود أرقام محددة في المغرب حول الأموال التي يتم تهريبها نحو الجنوب الإسباني، فإن السلطات الإسبانية تقدرها بمئات الملايين من الدولارات سنويا، وهي خليط من أموال الاتجار في المخدرات والأموال المختلسة من الميزانيات العامة في المغرب والتي تجد لها مأوى في فردوس الجنوب الإسباني. ومنذ بداية سبعينيات القرن الماضي، أصبحت الأموال المغربية تجد في جنوب إسبانيا ملاذا آمنا، واستثمر هناك العشرات من المسؤولين السياسيين والجماعيين والبرلمانيين ورجال الأعمال، الذين كانوا يعتبرون تلك المنطقة بديلا لمشاريعهم في حال تغير الأوضاع السياسية في المغرب، والذي كان يضطرب باستمرار سياسيا واجتماعيا. ويتوفر المئات من المسؤولين المغاربة من مختلف المناطق، على عقارات وأرصدة وأملاك في الجنوب الإسباني، وهي المنطقة التي تضم أيضا أرصدة سياسيين من مختلف بلدان العالم، بما فيها بلدان شرق أوروبا والبلدان العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية. وعرفت عملية تهريب الأموال المغربية نحو الجنوب الإسباني ارتفاعا كبيرا خلال الحملة الشهيرة ضد التهريب وتجارة المخدرات التي قادها وزير الداخلية الراحل إدريس البصري سنة 1996، بأوامر مباشرة من الملك الراحل الحسن الثاني، والتي أدت إلى تهريب أموال ضخمة نحو جنوب إسبانيا. وخلال تلك الحملة فر العشرات من المغاربة، بينهم رجال أعمال ومسؤولون أمنيون وموظفون نحو الجنوب الإسباني وحملوا معهم أموالهم هربا من مصادرتها من طرف السلطات المغربية. وبدا لافتا خلال تلك المرحلة مشاهدة وجوه مختلفة التوجهات والمناصب في منطقة ماربيا والمناطق المجاورة لها، وهم الذين فرقتهم الحملة التي سميت بالتطهيرية وجمعهم هدف واحد وهو وضع أموالهم في حسابات آمنة والهروب من الملاحقات القضائية التي تميزت وقتها بالانتقائية والعشوائية. ولا يقتصر تهريب الأموال المغربية نحو الجنوب الإسباني على المسؤولين السياسيين والمهربين وتجار المخدرات، بل هناك أيضا الكثير من الموظفين الفاسدين الذين يتجنبون الشبهات عبر تهريب أموال حصلوا عليها بطرق غير مشروعة. وفي مدينة ماربيا، وهي أغلى مدينة في جنوب إسبانيا في منطقة الكوستا ديل سول، يبدو ملفتا كيف أن موظفين متوسطي المدخول في المغرب استطاعوا شراء عقارات في المدينة، وأحيانا فيلات بمسابح وحدائق، والتي عادة ما يتوجهون إليها كل صيف لقضاء عطلهم. وخلال فصل الصيف يبدو هؤلاء الموظفون نشازا في شوارع ماربيا وهك يتجولون بأبهة ملفتة، بينما ترافقهم خادمات مغربيات بئيسات يرتدين ثيابا متقشفة، وفي أغلب الأحيان لا يتجاوزن الخامسة عشرة من العمر، مع أن القانون الإسباني يجرم عمل الأطفال. وفي المدن والبلدات القريبة من ماربيا، مثل مالقة وإيستيبونا وبلدات أخرى، هناك المئات من الشقق يملكها مسؤولون ومستشارون جماعيون، إضافة إلى برلمانيين مغاربة كثيرين سجلوا شققا وفيلات بأسماء زوجاتهم أو أبنائهم. وقبل بضعة أيام كشفت «حادثة اختطاف» غريبة عن ظاهرة عصية على الفهم، حين ذكرت وسائل الإعلام الإسبانية أن زوجة وحفيد سياسي مغربي ينحدر من طنجة، تم اختطافهما في بلدة إيستيبونا جنوب مالقة، وأن الهدف من هذا الاختطاف كان هو الحصول على فدية تزيد عن مائة ألف أورو، أي حوالي 120 مليون سنتيم. غير أن هذا الحادث تسبب في وضع طريف بالنسبة إلى كثير من سكان طنجة، والذين حاولوا البحث عن اسم «المسؤول السياسي»، ليتم اكتشاف أن أغلب المسؤولين في المدينة يتوفرون على شقق وإقامات في الجنوب الإسباني، ومنهم من يتوفرون على علاقات مشبوهة مع شبكات خارج القانون في المنطقة. كما أن خبر الاختطاف تحدث أيضا عن مطالبة المختطفين لعائلة المسؤول المغربي بأداء الفدية نقدا أو بتسليم سيارة بورش فاخرة يزيد سعرها عن مائة ألف أورو، وتبين فيما بعد أن عددا من المسؤولين في المدينة يملكون إقامات في الجنوب الإسباني، وأن عددا منهم يملكون سيارات بورش الفاخرة أيضا.
بعثات تبشيرية مسيحية تثير قلقا في المغرب وشمال إفريقيا
توم فايفر - رويترز
بدأ جيل جديد من المبشرين المسيحيين غير المعلنين يتحول باهتمامه الى شمال افريقيا الذي تقطنه غالبية مسلمة لضم أشخاص جدد لعقيدتهم مما يثير فزع رجال دين مسلمين يقولون انهم يستغلون الضعفاء ويهددون النظام العام.
وتقول جماعات تبشيرية ان عدد المسيحيين في المغرب ارتفع من مئة الى 1500 في عشرة أعوام وان عدد المسيحيين في الجزائر يبلغ عدة آلاف رغم عدم وجود أرقام رسمية.
وتضيف ان رسالتها تصل لآلآف آخرين ويرجع ذلك جزئيا لقنوات تلفزيون فضائية والانترنت.
ويقول أمين وهو شاب من شمال المغرب لم يرغب في ذكر اسمه بالكامل خشية تعرضه لرد فعل انتقامي "قال لي كثير من المسلمين .. اذا عثرنا عليك سنقتلك."
ويقول أمين انه عرف المسيح عيسي بعدما جاءه في الحلم شخصا يرتدي رداء ابيض واقترب منه في غابة وأعطاه الكتاب المقدس.
ويضيف "حين أبلغت والدي انني تحولت للمسيحية حدق في صامتا ثم قال لي .. لست ابني من الان فصاعدا. اذهب لهؤلاء الناس دعهم يطعمونك ويوفرون لك المأوى. سنري من سيهتم لأمرك."
ورحل أمين عن البلدة وتوقف عن دراسته وهو يعيش الآن من أجره عن أعمال الترجمة التي تقدمها له جماعة تبشيرية مسيحية.
وتفيد مواقع على شبكة الانترنت ان الجماعات التبشيرية في شمال افريقيا تتراوح من تحالفات واسعة الى كنائس صغيرة.
وتقول دانا روبرت أستاذة الدراسات المسيحية في جامعة بوسطن الامريكية ان أنشطة هذه الجماعات تتنامي مع تحويل الكنائس اهتمامها لاماكن قلما تسمع فيها الرسالة المسيحية.
وتضيف "مع الانترنت وزيادة الارتحال أضحت البعثات ذات طابع أكثر ديمقراطية حيث يشعر أي شخص ان بوسعه ان يذهب لأي مكان يود."
وتابعت "لا يتمتع الجيل الجديد من المبشرين بنفس التدريب التاريخي مثل الجماعات الأقدم الراسخة ولا نفس التدريب الثقافي بالضرورة لذا فان تأثيرها سلبي."
ويقول شيوخ مسلمون ان المبشرين يستغلون ضعاف الإيمان ويستهدفون الفقراء والمرضى ويحاولون كسب ود البربر في شمال إفريقيا وإقناعهم بأن العرب فرضوا عليهم الإسلام.
ويقول محمد يسف الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى "انها أساليب غير اخلاقية. الإسلام دين سماوي ليس للعرب او للبربر."
وتابع انه حين يستجيب الناس للمبشرين يحدث ذلك حين لا يملكون كامل حريتهم. وقال "حين يستردون عافيتهم وأحوالهم الطبيعية يستعيدون قدرتهم على أخذ القرار."
وتنفي البعثات التبشيرية استغلال الضعفاء ويقولون ان عملها سرا يعني اقامة شركات أو مدارس لغات يعمل فيها أحيانا من يتحولون لاعتناق المسيحية.
وقال تيلور عضو كنيسة معمدانية في اوهايو اسس (مشروع شمال افريقيا في المغرب) والذي اكتفى باسمه الأول فقط حتى لا يتأثر عمله "قبل ثلاثة أعوام بدأت اصلي من أجل أجزاء من العالم لم تصلها رسالة المسيح.
"الهدف ان نقدم الكتاب المقدس بشكل واضح ونناقش أمورا ربما قيلت للناس عنه.. على سبيل المثال ان الكتاب المقدس حرف وأننا نعبد ثلاثة آلهة."
وقال انه يمهد الطريق لزملائه ومعظمهم من أمريكا الجنوبية سيتعلمون اللهجة المغربية ويبحثون إقامة مشروعات صغيرة لتمويل عملهم التبشيري.
ويقول أمين ان مئات من مواطني المغرب الذين اعتنقوا المسيحية حديثا يتجمعون في سلا قرب العاصمة الرباط للاحتفال بعيد الميلاد في ظل حماية الشرطة. لكن هذا التجمع استثنائي. فالمسيحيون الذين عمدوا لدى ولادتهم كمسيحيين يصلون منفردين وفي السر.
وخارج المدن يقتصر الوجود المسيحي المنظور علي تجمعات صغيرة للكاثوليك تقود أعمالا خيرية من بينها مشروعات صحية ومشروعات تحقق ثروة ولكنها تتجنب الأنشطة التبشيرية.
وهي تعتمد على علاقات سلسلة مع السلطات غير ان الأجواء تلبدت في الجزائر في الأشهر الأخيرة بعد سلسلة محاكمات لمسيحيين بروستانت من السكان المحليين بتهمة تحويل أشخاص عن ديانتهم.
وينص دستور الجزائر على حرية العقيدة غير ان قانونا صدر في عام 2006 يفرض قيودا صارمة على الممارسات الدينية ويحظر محاولة رد المسلمين عن دينهم.
وصرح وزير الشؤون الدينية الجزائري بو عبد الله غلام الله لصحيفة ليبرتيه انه لا ينبغي ان يقتل الناس بعضهم البعض باسم الدين. وأضاف أن من يأتون من الولايات المتحدة وفرنسا ينشرون أفكارا تتعارض مع الوحدة الوطنية مما يمثل خطرا.
وتعمل جماعة مسيحية توظف 70 سيدة لانتاج ملابس البربر المطرزة بمنطقة القبائل في الجزائر من أجل التعايش بين الاديان.
وتقول الاخت اليزابيث هيركومر التي تدير المشروع "نحن نخدم الجمال وهو من صفات الله وهو أيضا مذكور في القرآن."
السبت، 13 ديسمبر 2008
صورة وتعليق
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2008
(136)
-
▼
ديسمبر
(70)
- كلنا مع أهل غزة
- الاحتلال يرفض هدنة بغزة والمقاومة تكثف صواريخها
- إلى كل ذي نخوة، قم لا تكن نذلا!
- مجزرة إسرائيلية في غزة وإدانات شعبية ورسمية عربية
- الباسبور لخضر
- جدل حول أرقام مخيفة عن الإجهاض بالمغرب
- مغاربة يستعدون للاحتفال بـ " نويل "
- الناصري يشجع العازل الطبي
- شباط وزيرا أول
- زنقة الحناجرة مركز الدعارة الشعبية ببني ملال
- قضية مخدرات تكشف عن الفساد في سجن باب النوادر
- يقتل مشغله طمعافي المال بالدار البيضاء
- قناص السجون يعود من سجن بولمهارز بمراكش
- ٪22 من المتعاطيات للدعارة بمرتيل قاصرات
- مغالطات
- بِهَذَا ... سَيَكُونُ المَغْرِبُ أَجْمَلَ بَلَدٍ ف...
- صورة وتعليق
- الاستثناء المغربي
- تفكيك خلية إرهابية يتزعمها «العشابة»
- اِعْتَقِلُوني ولو ليومين
- أكباش الأطلس
- ضرب الرئيس الأمريكي بوش في بغداد
- بوش يعلق مازحًا على حادث قذفه بحذاء في بغداد: قياس...
- الحشيش المغربي يبايع فريق «البارصا»
- الغثاء
- مخازنية لعنيكري يعودون إلى شوارع المدن في حلة جديدة
- تهريب الأموال المغربية نحو الجنوب الإسباني
- بعثات تبشيرية مسيحية تثير قلقا في المغرب وشمال إفر...
- صورة وتعليق
- « اليوسفية» قلعة الإجرام الحصينة بالرباط
- بلعيرج : التقيت مع عناصر كثيرة من المخابرات لكني ل...
- شي فغزة شي غزاو فيه
- ما فائدة أن تبعبع الأكباش وهي تدرك أن الماتش مبيوع؟
- الفرجة الجنسية عند المغاربة من المجلات الجنسية إلى...
- جميلة، أنيقة، طالبة... وعاهرة
- إلقاء القبض على عدة أشخاص ينتمون إلى أوساط إسلامية...
- بلجيكا تلقي القبض على مغربية بتهمة الإرهاب
- أدوات النفي
- أباطرة المخدرات صاروا يبيعون الحشيش مقابل السلاح
- اسم رشيدة داتي على قبور المسلمين المدنسة
- مغربية تحاول الأنتحار!!!
- صورة و تعليق
- الجنرال وكلاس الحمام
- ليلى غفران تتحدث عن مقتل ابنتها هبة
- هجوم سكان عين الشق على مؤسسة الأيتام
- عيد مبارك سعيد وكل عام وأنتم بخير
- اللي شاف شي يكول باع
- هل يمكن لـ" بوزبال " أن يصبح وزيرا أولا أو أن يُعي...
- سباق الظفر بالكبش يحتدم في المغرب
- ممثلة تونسية تتهم ستار أكاديمي بتحريض ابنتها على م...
- المغرب ينفذ خطة النافذة المكسورة لمحاربة الجريمة
- حليمة وعاداتها القديمة
- حملة لإنقاذ المشردين بالدار البيضاء من موجة البرد
- 3 ملايين مغربي يفكرون في الموت عبر الانتحار
- فصل المقال في ما بين الحولي والميكة الكْحلة من اتصال
- الثلوج تعزل مداشر الأطلس المتوسط والسكان يقتاتون ع...
- سبحان مبدل الأحوال
- 1 من بين 3 نساء تتعرض للضرب لإرغامها على ممارسة الجنس
- البركة فالبارابول
- " غسل العار " قتلاً نادر في المغرب وتواري المرتكب ...
- اعتقالات على خلفية تسريب شريط الدعارة للصحافة
- صورة وتعليق
- محاربة الهواتف مجهولة الهوية تهدد مداخيل اتصالات ا...
- هل يوجد ربان في الطائرة
- مغاربة إسبانيا يعودون إلى السكن في «الشقق الباطيرا»
- قلاع الكونت دراكولا المغربي
- عشرة نصائح هامة قبل أن تشتري أضحية العيد
- مغربيات يشتغلن في كازينوهات دمشق
- من نجمة تضيء لــــيالي الخليــــــج إلى فتاة على ك...
- اللي دوا يرعف
-
▼
ديسمبر
(70)