الخميس، 18 ديسمبر 2008

قضية مخدرات تكشف عن الفساد في سجن باب النوادر



جمال وهبي


أثارت قضية ضبط شاب (ع.ف) بكمية من المخدرات في معبر باب سبتة اهتمام المراقبين بمدينة تطوان، بعدما كشف ملفه عن تواطؤ بين بعض رجال الأمن وحراس سجن باب النوادر بتطوان وعدة أشخاص آخرين يعملون في قطاعات حساسة مختلفة، تقاضوا أموالا طائلة مقابل التدخل لحل الملف وإطلاق سراح المعتقل، حسب ما هو مثبت في محاضر التحقيق التي اطلعت عليها «المساء». وطلب موظف بالسجن، حسب نفس المحاضر، 17 ألف درهم من أجل أن يوفر للمعتقل مكانا جيدا داخل زنزانة غير مكتظة.
وتعود أطوار الملف، الذي كشف عن رأس جبل الجليد لما يجرى من فساد داخل المؤسسات السجنية والأمنية وقطاعات أخرى، عندما تم ضبط المعتقل (ع.ف) رفقة زوجته الإسبانية (ي.إ. م ) وابنتهما الرضيعة وبحوزتهم 10 كيلوغرامات من الحشيش مدسوسة في السيارة. دقائق بعد الاعتقال ستنطلق آلة الفساد والرشوة والمساومات من طرف عدة جهات للتوسط للشخص وزوجته للخروج من السجن وطبخ الملف، أو على الأقل التخفيف عليهما أثناء التحقيق حتى لا تتم إدانتهما بمدة كبيرة من السجن. ويكشف محضر الاستماع المنجز يوم 27 من الشهر الماضي، إفادة (ك.ف)، وهو أخو المعتقل، بأنه ربط الاتصال مع عدة جهات أكدت له أنها ستعمل مقابل مبالغ مالية مهمة على إطلاق الزوجة الإسبانية ورضيعها، قبل أن تتم «معالجة» الملف لتخفيف الحكم على الزوج المعتقل كذلك. يوما بعدها سيلتقي أخو المعتقل بمرشد سياحي، يدعى (ج.ح)، والذي ربط له اتصالا بموظف بسجن باب النوادر للتفاهم معه حول عمولته من أجل «تهييء ظروف حسنة لإقامة أخيه داخل سجن باب النوادر»، ولم يتردد الموظف المدعو (م.ب) في طلب 20 ألف درهم مقابل ذلك، قبل أن تستقر الأطراف المفاوضة على 17 ألف درهم، يقول المحضر الأمني.
ورغم الحكم يوم أول أمس على المعتقل بـ30 شهرا حبسا نافذا، فإن زوجة هذا الأخير، التي أطلق سراحها يومين بعد ذلك، تقول إن الملف متشعب أكثر مما يتوقع، نظرا لتدخل وتورط عدة أطراف فيه، حيث تطالب بفتح تحقيق جدي واعتقال الأشخاص الأربعة الذين صدرت في حقهم مذكرات بحث، حيث إن بعضهم يقيم بجبل طارق والبعض الآخر في إسبانيا وتطوان، مما سيؤدي إلى الكشف عن المزيد من الحقائق والمعطيات حول الأشخاص المتورطين في الابتزاز والمساومات في ملفات المخدرات، والتي حسب المحاضر نفسها وصلت إلى 85 ألف درهم، تم إرسالها من طرف أخت المعتقل (و) على شكل ثلاث دفعات إلى وكالة لتحويل الأموال، و1800 أورو تم إرسالها من جبل طارق إلى سبتة، تم العثور عليها داخل شقة والدة المعتقل قبل حجزها من طرف الضابطة القضائية بعد التحقيق واعتراف المتهمين بخصوصها.
وتتضارب أقوال الموظف بسجن باب النوادر بخصوص تسلمه مبلغ 17 ألف درهم، كما تتضارب بشأن رقم هاتفه الذي كان يتصل به مع المساومين، وهو الرقم الذي أكدت إدارة السجن أنه رقم هاتفه الشخصي. ويقول الموظف السجني في «محضر استماع إضافي» آخر إنه يتوفر في منزله على مبلغ 210 آلاف درهم و220 ألف درهم، وهي مبالغ، حسب قوله، تمكن من جمعها عن طريق فوزه برهان الخيل المعروف بـ التيرسي»، مضيفا أنه فاز في شهر أكتوبر بمبلغ 340 ألف درهم، كما فاز بمبلغ 160 ألف درهم. لكن في المحضر نفسه فإن الموظف السجني، ورغم نفيه تلقي أي مبلغ من طرف أخ المعتقل، فإنه بيدي «استعداده لتسلم مبلغ 17 ألف درهم».

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية