الخميس، 4 ديسمبر 2008

الثلوج تعزل مداشر الأطلس المتوسط والسكان يقتاتون على الخبز والزيت



عبد الواحد ماهر


تحاصر الثلوج المتساقطة، منذ يوم السبت الماضي على مرتفعات الأطلس المتوسط سكان القرى والمداشر التابعة لعمالة خنيفرة، بعد أن تسببت في عزل سكانها عن العالم الخارجي.
وقالت مصادر من عين المكان إن سكان الأطلس المتوسط يعيشون في عزلة تامة عن العالم، بعد أن أدت ندف الثلج المتساقطة على المجال الترابي لعمالة خنيفرة، منذ خمسة أيام خلت، إلى إغلاق الطرقات المتجهة من العمالة صوب «بومية» و«تونفيت» و«لقباب» و«أغبالو»، وحالت دون تزود سكان المداشر الجبلية بغاز البوطان وبالمواد الغذائية وحطب التدفئة.
وأفادت مصادرنا، بأن الطرقات الفرعية المؤدية أيضا إلى مدينة ميدلت، الواقعة على علو لا يتعدى 1512 مترا عن سطح البحر، مقطوعة منذ خمسة أيام، مشيرة إلى أنه بالرغم من كون ميدلت التي تقطنها قرابة 45 ألف نسمة تعد البلدية الثانية بعد عمالة خنيفرة، فإن الحياة في هذه المدينة أضحت صعبة مع التساقطات الثلجية الأخيرة.
ووفق مصادرنا، فإن علو الثلج في المداشر التابعة لقيادة تونفيت فاق مترا، أما الوصول إلى قرية «أنفكو» بجماعة «أمنزي» فلم يعد ممكنا بعد أن سدت كل الطرقات التي تربط سكان هذه القرية، التي دأبت كل سنة على تقديم أطفالها قربانا للموت، بجماعة أمنزي.
وأشارت مصادر من بلدة «أنفكو» أمس الأربعاء إلى وجود انخفاض كبير في درجات الحرارة خصوصا في الليل، وعدم تمكن السكان من الذهاب إلى «تونفيت» للتسوق والتزود بالحاجيات الأساسية، لأن الشاحنة الوحيدة الموجودة في القرية لا تستطيع عبور وادي «أوييض» منذ أزيد من 20 يوما.
وقال: «الطرقات مقطوعة منذ يوم السبت الماضي، علو الثلج فاق المتر والناس بحاجة إلى الحطب والمواد الغذائية والأغطية، أما الشاحنة الوحيدة التي تقل سكان أنفكو إلى السوق الأسبوعي تونفيت فلم تبرح مكانها منذ أسبوعين، الطريق عبر وادي أوييض مقطوعة، والأطفال يعانون من موجة سعال حادة، أما الأدوية التي يقدمها المركز الطبي، التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، للمرضى فلا تتعدى حبات أسبرين والدواء الأحمر، أما الزمهرير فقد كسا بشرة السكان بطبقة سوداء من الأوساخ، ندعو اللطيف ألا يموت الأطفال هذا العام أيضا». وقال أحد سكان أنفكو إن موجة زكام حاد أصابت الأطفال جراء انخفاض درجات الحرارة، مشيرا إلى أن أقدامهم تشققت أيضا بفعل الصقيع كما نمت طبقة من الطفوحات الجلدية فوق أيديهم.
مصدر آخر من جماعة أمنزي قال إن الطريق المؤدية إلى أنفكو مقطوعة، مثل باقي الطرقات المؤدية إلى «أغدو» و«تغدوين» و«إملشيل»، مضيفا أن السكان دأبوا على التزود بالمؤونة كل سنة استعدادا لموسم الثلوج، وحتى الذين ينفد منهم مخزون السكر والشاي والدقيق، فإنهم يقترضون من جيرانهم إلى حين انفراج الأزمة.
وعلق المصدر ذاته ضاحكا، ردا على سؤال لـ«المساء» حول استعدادات سكان المنطقة لاستقبال عيد الأضحى، قائلا: «منذ انصرام شهر رمضان يفكر الناس في عيد الأضحى، لا أحد منا يشتري خروف العيد من السوق، من لا يتوفر على كبش يمكنه أن يستدين الأضحية من عند الكسابة الرحل في المنطقة، لسنا بحاجة إلى كبش العيد بقدر ما نحن محتاجون إلى «أبريد» فقط»، وهي الكلمة الأمازيغية التي تعني الطريق باللغة العربية.
«ماذا تأكلون؟»، «نتناول الخبز والشاي والزيت، نعد طعاما من الخضر التي يزرعها السكان في حواشي الأودية، إن الثلوج أتلفت المحاصيل والحطب قليل، ورغم أن المنطقة تزخر بأشجار الأرز فإن حراس الغابة يمنعون السكان من التزود بالخشب»، وفق ما أكده أحد سكان قرية أنفكو، مضيفا أنهم سيشكون «بوعالي» إلى الملك إن زارهم مجددا.
وحاولت «المساء» منذ أول أمس الثلاثاء معرفة وجهة نظر السلطات المحلية والتدابير التي اتخذتها عمالة خنيفرة لفك العزلة عن المناطق المحاصرة بالثلوج دون جدوى، فموزع الهاتف بعمالة خنيفرة ظل يؤكد طيلة يومين أن حجير أوعلي، العامل الذي عينه الملك محمد السادس بعد أن زار«أنفكو» خلفا لأحمد شويحات، مشغول للغاية في عدة اجتماعات، مثله مثل مدير ديوانه العلوي المدغري. أما رئيس الشؤون العامة بعمالة خنيفرة فقد رفض إعطاء توضيحات حول الخطوات التي اتخذتها السلطات المحلية للتخفيف من معاناة السكان، بدعوى أن الأمر من اختصاص مصلحة الشؤون القروية، وهو الأمر الذي نفاه رئيس هذه المصلحة أيضا، مشيرا إلى أن الشؤون العامة هي المسؤولة.
إلى ذلك، حذرت جمعيات محلية بقيادة تونفيت من مغبة تردي أوضاع السكان المحاصرين بالثلوج، مشددة على حاجتهم إلى المواد الغذائية والأغطية وإلى الرعاية الطبية، بحكم أن الطرقات مقطوعة ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي مريض أن ينقل في الوقت الراهن إلى مستشفى تونفيت للعلاج.
وانتقدت المصادر ذاتها نتائج البرنامج الاستعجالي للتدخل على المدى القصير والمتوسط الذي أعدته الحكومة العام الماضي بغرض فك العزلة عن المنطقة، مؤكدة أن المشاريع الملكية لإنجاز الطرقات لم تخرج إلى حيز الوجود عكس ما أعلن عنه في السابق.
وأكدت مصادرنا أن مشروع تشييد الطريق الرابطة بين تونفيت وإملشيل (إقليم الرشيدية)، التي كانت ستمتد على مسافة 97 كلم، بغلاف مالي يبلغ 145 مليون درهم مازال مؤجلا، أما تشييد مقطع طريق كان سيربط بين «أكوديم» و«أنمزي» على مسافة 15 كيلومترا فإنه لم ينجز بدوره.
وطالبت المصادر الجمعوية بافتحاص إلى ميزانية فاقت 500 مليون سنتيم رصدتها الدولة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لفك العزلة عن المناطق المهمشة، وافتحاص أوجه صرف الإعانات المخصصة للجماعات القروية التابعة لقيادة تونفيت برسم سنتي 2006 و2007 والتي فاقت مليارا و200 مليون سنتيم.

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية