الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

اِعْتَقِلُوني ولو ليومين


منير باهي




ما الذي يحدث في المغرب؟ ألم يعد فيه مخزن؟


منذ سنوات وأنا أكتب منتقدا أوضاع بلدي بكل جرأة ولو يتم اعتقالي بعد.


منذ سنوات وأنا أهاجم كبار المسؤولين بكل قسوة ولم أتعرض للمساءلة يوما.


فعلت كل ما فعله الآخرون الذين حوكموا ولم يلتفت جهتي أي كوميسير، وكتبت أقسى مما كتب الآخرون الذين سُجنوا وما هددني أحد بالمحاكمة.


هل أنا منحوس إلى هذه الدرجة؟


أريد أن أكون مثل كل المحظوظين الذين سبقوني، أولئك الذين قادتهم الحكومة بسبب مقال إلى المحكمة، أو أولئك الذين قادتهم خفة أقلامهم إلى السجن.


أرجوكم اعتقلوني..


اعتقلوني من أجل الرأي وليس بتهمة أخرى رجاءً



أعرف أنكم لن تختطفوني من بيتي ليلا، لأن حراس الإقامة سيحفظون ملامحكم.


وأعرف أنكم لن تعذبوني بالشيفون والقرعة والطيارة وقطع الأصابع... أوه،لا،لا.. هذا الأمر مقزز وأنتم يا سادة العهد الجديد أرق من أن تتحملوا ذلك.


أريده اعتقالا حضاريا يليق بشعارات المرحلة، ويليق بسمعتكم.


ابعثوا إلي مثلا باستدعاء إلى السنطرال، واستجوبوني حول أفكاري وكتاباتي حتى تشعروني بأهمية ما أكتب...ثم أطلقوا سراحي حتى استدعاء آخر. بعدها سأصرح للصحافة بأني تعرضت للاستفزاز وقد بالغ البوليس في استنطاقي بدون ركل أو صفع طبعا...وعند الاستدعاء الثاني قدِّموني إلى وكيل الملك ثم إلى المحكمة، وسيحكم القاضي علي بحكم خاطئ تهتز لفداحته المنظمات الحقوقية قبل أن يأتي عفو يصحح أخطاء العدالة


أرجوكم افعلوها.


أريد أن أدخل السجن ولو ليومين من أجل آرائي حتى يكون لي كامل الحق في المزايدة.


أريد أن أزايد على الجميع وأتباهى طويلا بأني دفعت حريتي ثمنا لمواقفي ولو ليومين.


أريد ـ ولن أخفي هذا ـ أن أطالب بعد كم سنة بتعويض محترم عن يومين في السجن لأشتري به ما سأعجز عن شرائه.


أريد أن أشعر بما يشعر به أبطال العهد الجديد.


أرجوكم...اعتقلوني.

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية